البلاد الصفراء

في البلاد الصفراء كل شيء صار باهتا وأصفر من علم البلاد وجدران البيوت وأرصفة الشوارع و أدمغة الناس إلى مشاعرهم التي صارت صفراء ككل شيء في البلاد.
فمند أن تولى الاب القائد القائد العظيم مقاليد الحكم ومصير البلاد وكل شيء يحدث بمنطق الواحد.. منطق الزعيم, فلم يقصر في ابتكار النظريات بل وحتى تجربتها على شعبه ليثبت نجاحها حتى يسهل تصديرها بالالوان إلى كل الشعوب المقهورة !! وينعم العالم بالحرية و الديمقراطية التي طالب ووعد بها منذ أن جلس على كرسي الحكم والسيادة .
فكان أول قراراته تغيير علم البلاد إلى راية بلون واحد, الاصفر رمزا للحقيقة والحرية وكذلك تغيير اسم البلاد ليكون أصفريا الشعبية الديموقراطية العربية, وذلك ليثبت ديموقراطيته بعد أن أصر البعض على تسميتها العشائرية العربية وآخرون العشائرية الشعبية وآخرون العشائرية الديموقراطية.
فكان أن جعلها كذلك حتى لايطيب خاطرا على حساب الاخر, فالقائد كان حنونا وأبا لكل الشعب فأول ما اهتم به في البلاد هو جيل المستقبل بالتأكيد, فقضى ليال وليالي وهو جالس خلف كرسيه يسقط عصارة خبراته وكل ما قراه وعرفه في كتاب شبه دستور للبلاد سماه الكتاب الأصفر فكان الصغار في الكتاب يحفظون بتوجيهاته صفحة من القرآن الكريم وصفحة من الكتاب الاصفر على غرار فكرة ماوتسي تونغ في الصين..
وحتى لا يصير ذلك المجهود تلقينا, أنشأ تحت إشرافه ما أسماه بالشبيبة الصفراء يلتحق بها كل من وصل إلى مستوى التعليم الإعدادي على غرار الشبيبة الهتلرية في العهد النازي كي يستعدوا نفسيا ومعنويا لخدمة البلاد ومبادئ الحرية على أكمل وجه و يحصنوا مبكرا ضد كل فكر هدام يشوش تفكيرهم ويغير توجههم. وحين يدركون مبلغ الرجال..
يلتحقون إلى الحزب الاصفر ليواصلوا مسيرة التحرير والبناء..
كان زعيما ذكيا, دقيقا ولامحا إلى أبعد الحدود فلا يفوته شيء أو حدث محلي أو إقليمي أو دولي إلا وحضر على أثير الاذاعة المحلية ليعلق أو يفسر أ يحذر من أي شيء قد يخل باتجاهات الحرية والديمقراطية في البلاد فصار ظهوره اليومي متوقعا..
لم يسمح بأي خلل في النظام الذي جاهد ليصير قويا فكان يضرب بيد من حديد على كل مسؤول متهاون, مختلس أو خائن فيقيم الحدود عليهم عبر الاذاعة المحلية حتى تكون فضيحتهم في كل أرجاء الكرة الأرضية..
لكن مع الزمن صار عددهم يكبر وذاكرة الصغار تضعف والهمم تقل, صار كل شيء عاديا وسماعه على الراديو عاديا فيقفل بمجرد سماعه.. وصار التغيب عن المؤتمرات العامة متزايدا.. وإن حضر بعضهم فهم نيام على الكراسي إلى أن يستيقظوا على إشارة التصفيق فينتفضوا ليشاركوا في تصفيق حار ويتنفسوا الصعداء لأنها إشارة لنهاية الخطاب !
فكان على الاب القائد أن يبحث عن سبب هذا الوباء الذي أصاب شعبه فأعلن حالة الطوارئ في مكتبه ليبحث العارفون عن السبب ويبطل في أسرع وقت هذا العجب..فكانت التقارير كلها تشير إلى حالة ملل واكتئاب لدى الشعب .. سببها رغبتهم في التغيير مع عدوى العولمة والانفتاح.
خصوصا بعد غزو التلفاز كل البيوت الصفراء.. وأنه لبد من إيجاد فكر مضاد أو تغيير في النظام لتزول حالة الملل والاكتئاب في البلاد وتجدد اهتماماتهم ورغباتهم.
فكر الأب القائد العظيم كثيرا في الموضوع من كل الزوايا فإذا أوجد نظاما مضادا ربما ترك الفرصة للتدخل الخارجي وربما اتهموه بالخضوع للضغط الدولي أو العمالة !!
قضى ليلته في البحث عن حل يعيد به اهتمام شعبه وحبه واحترامه.. فكر طويلا.. طويلا.. طويلا.. ووجده !
__________________________________________________
-2-
في مساء اليوم التالي كانت البلاد غير البلاد.. تحت كل عمود نور هناك عسكري, عند كل مفترق تجد دورية تفتيش, وفي كل سيارة أمن هناك العشرات ممن وقفوا بسبب أو باشتباه.
أصبح هناك نشاط غير عادي في مخفر الشرطة الوحيد وكل من يرتدي البزات الرسمية ظهرت عليهم أعراض التبجح و البلطجة..أنتظر الشعب الاصفر مع حالة الطوارئ تلك الغير اعتيادية ظهور القائد اليومي, لكنه لم يظهر ليشرح بإسهاب ويبسط ما هو صعب استيعابه كعادته..
حتى زاوية ((شكاوي من مواطنين)) على جرائد الحوائط الرسمية للمخيم ألغيت واحتلت مكانها إعلانات للهواتف النقالة والسلع المستوردة.. وكل المقالات كانت تستأصل من الحوائط فلا تصل إلى المسامع أو إلى من يهمه الأمر.
وطارت حالة الاكتئاب وحلت معها حالة إرهاب !! وفهم الشعب الأصفر بذكائه الفطري بعد قرار منع التجمع والتظاهر بدون ترخيص أن هناك قرارا آخر سبقه لم يعلن عنه وهو تغيير أسم البلاد من أصفريا الشعبية الديمقراطية العربية, إلى الديكتاتورية الشعبية الديمقراطية العربية.
ومع كل ذلك الحصار المتعمد اجتمع كبار السن والعقلاء سرا لتدارس الوضع العام بعد ضغط المشتكين المتزايد عليهم..
-هااه ما رائيكم ياشيوخ..
-نحن في الاول والاخير بدو تعودنا على الرعي وأكل التمر وشرب الحليب عشنا دائما بكرامة ولن نبيعها بهاتف نقال أو تلفزيون بالألوان !!!
-يعني نرجع للرعي و الترحال؟
-يعني كنا عنموت من غير كهرباء ومعجون سنان وشامبو !!؟
-عندك حق ياشيخ.. إحنا نرعى المواشي مانتراعى كالمواشي..
-نحن لازال لدينا وطن آخر وأنتم عرفتم أنه غفور رحيم..
-يريد أن يحكم !! حلال عليه المكاتب والكراسي..
-اتفقنا ياشيوخ.. ابتدئا من الغد سنعلن مقاطعتنا لكل ما هو حكومي.. وسنقدم على إثر ذلك مذكرة إلى الامم المتحدة.. نطالب فيها بالتدخل السريع والعاجل.. سنرجع من حيث أتينا.. سنرجع إلى الوطن..
_________________________________________________
-3-
استيقظ القائد على هدوء غريب في البلاد.. فقرر إقامة جولة ليطمئن على أحوال شعبه المحبوب بعد درس التأديب والذي كما يبدو نجح تماما كما خطط له, وصار شعبه الحبيب طيعا ومطيعا ومستعد الان ليصغي باهتمام من جديد ويستقيم إلى بناء الدولة لكنه تفاجأ بشوارع المخيم خالية !
الدوائر خالية !
ونص الحرس اختفوا من الشوارع والثكنات !!
استدار إلى أحد مساعديه وهو يسأله في هدوء
-ما الذي يحدث في البلاد اليوم !!?
-………..
-انحنى أحد حراسه على كتفه وهو يقول بصوت خافت
-الشعب بيقول ايها الاب القائد العظيم.. مايريدوا
-يعني كيف ما يردوا!!
-ما يريدوا دولة.. رجعوا يرعوا جمال ويزرعوا حشيش وبعد إذنك بيقولوا..
-تكلم إيش بيقولوا !!
-بيقولوا احكم الكراسي والمكاتب هي ما منها خطر وما بتخوف..
الشعب الصحراوي لديه وطن غفور رحيم- !!!!!!
تمت
كاتب النص : آمال عكيفي
من المجموعة القصصية (حكاية لما قبل النوم)
رقم الايداع :319 لسنة 6-7-2005م
بدار الثقافة
قدمت للنشر لدى مؤسسة التوجيه المعنوي بصنعاء يوليو 2006

الجنازة حارة والميت...!

الجنازة حارة والميت... ! أقصوصة للكاتب والسيناريست المصري وائل مصباح
صرخة مدوية انطلقت من دوار العمدة,جمعت اهالى القرية الصغيرة التي ارتسمت على وجوههم علامات الهلع ولاستفهام, الكل تسابق على النفاذ إلى داخل المنزل ليعرف ماذا حدث, تجمدت الأقدام , نساء المنزل وقفن أمام الفرن البلدي الذي انتهى توا من التهام عدة بالات قش ,علامات الفزع تنهش وجوههن,نظراتهن ملتاعة ,أثار كلا من الدقيق والقش مازالت على ثيابهن وشعورهن.
يا له من مشهد مهيبا,فأحدى النساء تضرب صدرها بعنف وتنظر إلى الفرن بأسى وكأنه اليم الذي اختطف وليدها,امرأة أخرى تمسك بيدها قضيب رفيع من الحديد وتدسه داخل عين الفرن باهتمام محركتا اياه شمالا ويمينا.
يزداد الموقف غموضا عندما تدير المراة الأولى وجهها عن الفرن وتصيح في لوعة:
ماتت.
يتجرا احد الاهالى ليسألها :
مين؟
لم تعيره اى اهتمام ونظرت إلى اللا شئ قائلة:
كانت بتلعب مع أخواتها .. وبعد أن انتهينا من الخبيز وجدتها أمام الفرن مباشرتا
وفجأة اتجهت إلى داخله.. وكأنه نادها.. فلبت النداء.. فابتلعها بلا رحمة . اختنق صوتها فلم يخرج وارتسمت على جنبات وجهها أقصى علامات الرعب,
وارتفع أزيز صوت الحاضرين ولم يقطعه ألا صوت المراة الثانية وهى تصيح:
هاهي.. لقد شويت تماما. ينظر الجميع إلي ما أخرجته المراة من احشاء الفرن,تحملق العيون بذهول في الفقيدة الغالية.. أنها بطة العمدة.
سينارست وائل مصباح عبد المحسن
0114005523 مصر 0101261829

هكذا عاشقين..


هكذا عاشقين..
على أنشودة مشاعر من خوفنا.. وقلبين
أبحرت بي بلا عودة..
وعيناك لي تقول.. لاتحبيني..
فأنا رجل لا يحسن للامام الوصول..
لكن دمائنا البائسة كانت تشتعل لكي تقول..
ما الأشياء الجميلة خلقت في هذه الحياة كي تدوم !

وصدقتها.. فرمتني بأشواق تكبر في, تطير بي..
على شاطئ العذاب الجميل وهذه الهموم..
وعيناي لك تقول .. أحبني..
فأنا أمرأة لا تحسن للخلف الرجوع..
فكيف لي أن أعرف أنه سيكون حبا مسموم,
فحب بلا سماء ولا شمس.. ياحبيبي ما يكون؟!
إلا إحتضاره.. أو أحتضاري..

هكذا حبيبي نحن الاثنين عاشقين..
وكهذا بحبنا المحجور عليه سنكون..
فما الاشياء الجميلة خلقت في هذه الحياة كي تدوم !
آمال عكيفي.. صيف 2006

لحظة إنفعال

لحظة إنفعال : أقصوصة للكاتب والسينارست المصري وائل مصباح

تمضى الساعات متباطئة, ينظر إلى شرفة منزلها ولكنها لم تظهر..جن جنونه ازدادت ثورته..كيف لم يراها اليوم وهو الذي تعود عليها..كما يتعود الطفل على المصاصة.

أكيد هناك شيء غير عادى,بدا يحدث نفسه,يجلس ويقف,يذهب وياتى..
وقعت عينه على التليفون,ابتسم, رفع سماعة التليفون وطلب رقمها.

ظهر شبح ابتسامة على وجهه عندما سمع صوتها,ولكنه انصرف..لقد تظاهرت بعدم معرفته,بل وأغلقت الخط بعنف..
كاد أن يجن,سقطت السماعة من يده,ماذا حدث؟

هل يمكن أن تتغير أحوال البشر ما بين عشية وضحاها..اختنقت الكلمات في غياهب حلقه..وامتزجت بطوفان من الذكريات.

بدأت الشمس في الغروب..وبدا الليل يرمى خيوطه السوداء على المدينة,
مازال ينتظر ,ظهرت بلا مقدمات..ومعها شخص غريب,بدا وكأنهما ولدا معا..تميل عليه بهيام مصطنع,فيزداد التصاقا بها.

يا ترى من هذا؟ تصارعت الأفكار..
غادر منزله في عجلة,أصوات خطواته تاهت مع دقات قلبه..لا تكاد تميز بينهما.
أخيرا وقف أمام بابها,وطرقه .. بعد تردد.. طرقا ت متلاحقة.

فتح الباب.. ودعي للدخول.. بدا يستنشق.. زهور ونور.. شربات وضحكات..
نظراته الاهثة أسرعت تبحث عنها,وقعت عليها,حلت دبلة ذهبية مكان دبلته الفضية, فبريق الذهب قضى تماما على لمعان الفضة.

ارتشف قطرات السم..اقصد الشربات..أطال إليها النظرات..بدا سؤال يتردد بلا إجابات..إلى هذا الحد خدعتني هذه الدمية الأنيقة طوال عشرة سنوات؟
قذف كوب الشربات ليحطم به ما بقى من ذكريات.. امسك يدها.. صرخ:
أنها ملكي.. نعم ملكي وحدي.. شاركتني احلامى وذكرياتي طوال سنوات عمري القصير.. وياتى شخص غريب بكل سهولة يستولى عليها.. احتدم الصراع ..
نتيجة لحظة انفعال

سينارست وائل مصباح عبد المحسن
0114005523 مصر 0101261829
waelmosbah@yahoo.com

حبيبي الوطن

رائع أنت حبيبي..
حين أعود إلى أحضانك,

فتداعب أنفاسك كل ما أستقبله من جزء عار في جسدي..

 فأرتفع بحبك إلى عالم القديسين
وأنضم إلى لائحة الصالحين الذين اختاروك دون الاحبة حتى بعد الموت..


رائع أنت حبيبي..
حين أطرد كل العشاق الذين جاوروا بابي..

 وأركض إلى بابك لأنضم إلى مظاهرة عشق وأشارك عشاقك في ملحتمتهم.. 
ومن كثرتهم لا أغار..

رائع أنت حبيبي..
حين تقتلعني المواعيد من بين أحضانك..
فتسبق دموعي كلماتي..
فأجدك تحتويني بدفء سمائك وتباركني وتنتظرني ككل من ودعني حتى أعود..

فأتعلم في بعدك فنون الشوق لك أنت وحدك.. 
وأصول الغرام لك أنت وحدك..
فأذكرك في كل المجالس حبيبي
حتى يعلموا أنه ليس لي سواك ويدركوا أنهم لن يجاروك!

فعلى ضلوعك تكسرت سيوف الجبابرة ومن سموهم يوما بالفرسان..
وغيرت بتاريخك تعاريف البطولات وتعلموا في مدرستك كيف يكون القتال..

فأنت حبيبي.. 
دائما كنت عظيما..
فلا تحتاج إلى قصائد عنترية..
أو لصروح تقف فوقها لتناطح السماء,
فقد أنتفضت كلمات الشعراء عند بابك حبيبي,
فما يرضيك لم يعرف بعد في علم الكلام..

فاتفقوا جميعا, أن يتعلموا في أحضانك أبجدية الحب والحياة..
وعلمتهم رائحة طواجن الظهيرة وقهوة المساء,
فلسفة أخرى لمقاييس الترف وروعة اللقاء..

حين ابتعد عنك حبيبي
أمد بصري للأفق في كل اتجاه.. 
لأبحث عن لواء الحب الذي حفرته في قلبي..

أحمر : ينابيع حب..
ينابيع كرامة, كزهر النعمان في ظهيرة ربيعية..

أخضر : كقلبك حبيبي دائما كريم, فتي قوي كحضنك حبيبي كالجنة كما تخيلها الناس في هذه الحياة..

لن أخجل كما تخجل النساء حين يفتحوا دفاتري..
ويجدوك فيها,
أن يعلموا أنك في الحب لي الاول والاخير.. 
فما أجد في حبك عارا كي أخفيه..

وأعلنه عند كل حاجز.. مغربية.. مغربية!
فأنت تعريفي وهويتي.. 
فتقبلني يا وطني .. 
ياحبيبي.. 
راهبة في محراب الولاء..


آمال عكيفي (مقدمة مجموعة "حكاية لما قبل النوم" 2006)

صديقتي زكية


إهداء إلى صديقتي "زكية" أول قرائي.. وإلى أستاذي للغة العربية لسنة 1995 "مفتي حسن" الذي كان أول من شجعني على الاستمرار, ثم أستاذي للغة العربية لسنة 1996 "كريبس عبد الاله", فقد كان أول من نظم مسابقة للشعر على شرفي وأشترى من ماله الخاص هدية المسابقة التي حصلت عليها بتصويت ديموقراطي !!
قابلت صديقتي زكية في سنة 1994, كانت فتاة ذكية ومليئة بالحياة, لم نكن نشبه بعضنا في أي شيء, ومع هذا كنا صديقتين , ما كان يغضبني فيها أنها كانت تكذب في كل شيء صغيرا كان أم كبير.. لكن فجأة يصبح ذلك الكذب حقيقة, لأنها كانت قادرة على تحقيق ما قالته, درست وتعلمت وتكلمت اللغات وسيرت شركة, وسافرت إلى بلد آخر وأصبح لها معجبون مستعدون للعراك من أجلها.. هذا ما أعتز به دائما حين يدور الحديث عنها, وأكتفي بالرد.. صديقتي فتاة خارقة, قادرة في كل مرة أن تصنع المستحيل, وربما كان كذبها فقط مجرد حديث عن خططها المستقبلية.. كنا مراهقتين من نوع خاص, فمثلا أول شيء كنت مهتمة بإقتناءه هو نظارة طبية.. حتى أؤكد للجميع أني قارئة جيدة للكتب خارج المنهج الدراسي!! أما هي فقد أستطاعت إقامة علاقات إجتماعية مع كل ملاك المكتبات الكبرى في حبوس درب السلطان, معها تمكنت من حفظ كل عنوانين كتبها وكذلك خلاصات عن مضامينها!!
كانت لها ذاكرة فريدة من نوعها, كانت قادرة على قراءة كتاب من 200 ورقة في ثلاثة أيام بل وحتى أن تذكرك بموضوع كل صفحة وبرقمها..اليوم وأنا أفتش في أوراقي وجدت شيئا يخصنا نحن الاثنتين.. أول كتابة لي.. في يوم غضب مزقت كل كتاباتي وبقيت قصاصة ورق أول كتابة في علبة ذكرياتها.. رحلت لمدة عن بلادي وحين عدت في المرة الأولى, فاجأتني بإحتفاضها بتلك القصاصة كل تلك السنين.. قائلة إنها أول شيء أهديتها إياه لذلك كانت مهتمة بالحفاظ عليه.. الغريب أني لم أكن مهتمه بالسياسية ساعتها بقدر ما كنت مهتمة بإستعاب مصطلحاتها, لكن وجدت نفسي أكتب شيئا على طريقتي, لم أعرف كيف أصنف ما كتبته ساعتها, وأكتفيت بعرضها على أستاذ مادة العربية أنذاك الذي قال أنها تجربة جميلة للشعر الحر, لم أشأ أن أعترض ما قاله, لكن فعلا لم تكن تلك نيتي حين بدأت الكتابة !!
كانت قصاصة مجرد قصاصة, لكن بالنسبة لصديقتي كانت تعني الكثير جدا.. وصديقتي أيضا تعني لي الكثير لهذا قررت أن أهديها إياها من جديد.. فهي الحاضرة الغائبة, الساكنة في قلبي..
---------------------------
قصة لديموقراطية راقصة
أرقص..
أنظم إلى الكوكبة وأرقص..
لا تلتفت!
فراهبنا قد يرمقك..
ليس مهما أن تجيد العواء..
المهم..أن ترقص مع الذئاب
أن تقفز كبهلوان
وأن تتربص!!
لاتلفت!
فراهبنا قد يرمقك..
الكرة العجيبة بين يديه..
سحرية هي..
تحمل ماضينا وأيامنا..
وتذكر!
عندما تنهي الرقص
أركع عند قدميه..
لن تكون قربانا
فقد أركع عند قدميه!!
هاهم يقودون القرابين إلى قاعة المعبد ..
واعلم
أن احلامهم لم تسع كرة الاحلام
لم يحبسها البلور
هكذا يوقادون
فأحلامهم تخترق البلور كأشعة نور الحق
لا تلتفت!
فراهبنا قد يرمقك!!
ارقص !!
انضم إلى الكوكبة وارقص!!
وامنح أحلامك إلى كرة راهبنا!
لكن حذاري أن يكون لأحلامك ضوء!
فراهبنا يعجز عن حمل كرة تضيء!!
وألهتنا ترغب في المزيد..
آمال عكيفي /شتاء 1995

الخيانة وجهة نظر


- هـــي :
حبيبي.. جربت في يوم أن تجد جسدك ضيقا ليسع كل الغضب الذي بداخلك, جربت أن تجد الدنيا بكل النور الذي فيها مظلمة فجأة, جربت أن تحس بأن قلبك رافض أن يحبس بين جدران صدرك لشدة الألم الذي بداخله, حتى أنفاسك تتحرك حينها على نحو مختلف تتوقف فجأة كأنك ستختنق لكنك تكتشف أن الهواء لا يتوقف في مكانيكيته بل صدرك صار ضيقا لدرجة أنه يرفض الهواء الذي يتسرب إليه رغما عنه وأنك راغب في البكاء بشدة لكن كبرياءك يمنعك أن تبكي لأن من ستبكي عليه لا يستحق هذا الدمع المستعد للانطلاق..جربت يوما أن تخان لا أن تخون؟أعرف الان أنه لا جدوى من أن أكون قوية أو ضعيفة أمامك.. فما واجهته اليوم جعلني واحدة أخرى لأعرفها.. لم أعد أعرف تلك التي كانت تموت من الشوق لأجلك, تلك التي كانت تذوب حين تقول أحبك.. تلك لم تعرف معنى الغباء إلا معك..تلك الغبية التي تذكرها ضاعت مني.. كم هو قاس أن تواجه الخيانة!!أن تجد نفسك غير قادر على الكره, غير قادر على الحب.. فجأة تجد نفسك فارغا من كل شيء إلا من ألم بشع يأكل مابقي منك!!
- هـــو :
حبيبتي.. جربت أن تحبي فوق الحب!أن تجدي نفسك بعد رحلة طويلة بين أحضان النساء أمام امرأة تجمع كل النساء..فلا يستوعب عقلك أنها المنتهى فيضل الرجل الذي بداخلي مستمرا في بحثه ليتأكد أنه لا توجد أخرى ولن توجد لأن الله جعلها على الارض فقط لكي تكون حبيبتي ويكون صدرها إليه رجعتي وإليه منتهيا..فحين لا يستطيع أنفي أن يميز أي عطر تضعين من كثرة ما شتم في يومه من عطور النساء..فكوني واثقة أنه يستعيد قدرته حين يشتم رائحة جسدك الحبيب, ويتذكر أنه عاد إلى عشه من جديد.. قولي لي كيف أعرف أنك أذكى النساء إذا لم أصطدم بغباء كل من تسرع في نزع ما عليها وتصدق وهي بكامل قواها العقلية أني الفارس الذي ينحني أمام سلطانها!! فلا تدرك أن ولائي لا يكون إلا لملكتي, حبيبتي.. وأنها كانت قلعة من قلاع كثيرة فلا تجد سوى الاستسلام أمام بطولاتي وطول الحصار!!قولي لي كيف ستعرفين أني فارسك البطل إذا لم تبكي من حبي العذارى وتحسدك كل النساء! فلا تذرفي هذه اللآلئ من عينيك حبيبتي.. فأنا لا أجيد عشقك إلا مع كثرة خيانتي والتجوال بين صدور النساء!!

آمال عكيفي خريف 2003


أهلا بك في بيتك

أهلا بك في بيت القصة.. يهمنا أن تشاركنا بقصتك القصيرة.. مهما كانت قصيرة.. فهي تعنينا.. بيت القصة هو مكان لكل القصص القصيرة كانت من مخيلتك أو من مداعبات الواقع.. راسلنا على هذا العنوان amal.akifi@gmail.com..
سنهتم بتقييمها ونشرها,
بشرط أن لا تحمل مساهمتك أي إساءة لفظية ضد شخص بعينه أو دين..