إذا كان علي بابا تركيا لما لا تكون شهرزاد يمنية..


إذا كان علي بابا تركيا لما لا تكون شهرزاد يمنية؟


اليوم وأنا أتصفح المواقع الالكترونية اليمنية وجدت هذا الخبر على موقع المؤتمر نت.
العثور على كنز قصة علي بابا والأربعين حرامي في تركيا!! ويا لسرعة نقل الخبر من الامس إلى اليمن من تركيا الغير ناطقة باللغة العربية إلى اليمن!!


مع أنه قبل ثلاث سنوات تقريبا نشر بحث يشير إلى أن شهرزاد يمنية.. لكنه لم يتعدى جريدة الثورة في اليمن في عددها الصادر 21 سبتمبر 2006 تحت عنوان (حديث عن التاريخ والسياسة).. فما بالك بتركيا!!


لهذا قررت أن أعود لأصر على أن شهرزاد يمنية وأنشرها كبحث هنا.. وأدعوا كل اليمنين الغيورين على تاريخهم أن يصروا على الطريقة التركية!!



إليكم بحثي :


في اليمن تعودت أن لا أتفاجأ حين أكون بصدد البحث في موضوع ما حتى أجد نفسي أمام اكتشاف جديد, فاليمن بلد التاريخ والأسرار التي تعدت كونها تحدث عن تاريخ بلد إلى أن أعتبرها بكل الآثار التي لا تزال مدفونة تحت الرمال تجيب عن الكثير من تساؤلات الفكر الإنساني.. وهذا ما حدث معي حين بدأت بحثي عن قصة قصر العروسة..


سأبدأ بذكر زياراتي الثانية لقصر العروسة, حين أقنعت صديقا أجنبيا باصطحابي بسيارته إلى المكان حتى أكمل بحثي عن القصر.. ولجهل سائقه بالموقع وجدنا أنفسنا بعد دخولنا عبر طريق غير صالح لمرور أي سيارة أمام شيخ أحد قرى المنطقة.. وفي أقل من دقيقتين خرج كل من بمجلس الشيخ المتواضع جدا وبعضهم متمنطق لسلاحه.. وأصروا على ضيافتنا.. كنت هادئة ومطمئنة أمام ابتسامته ذلك الشيخ ولم أشك للحظة في أن أكون ضحية اختطاف خصوصا وأنا برفقة أجنبي آخر بعيون زرقاء..

لم أصدق أن الرجل الحافي القدمين وبثوب متواضع (والذي لا يتميز فيما وجدته عليه عن مرافقيه) هو بنفسه شيخ القرية.. حولت نظري في كل اتجاه.. لم أجد أمامي سوى منطقة جرداء بلا زرع ولا وجود لأي نشاط اقتصادي.
وليس ببعيد عنهم لا تزال صامدة بكبرياء أطلال قصر العروسة.

الحالة التي وجدت عليها أولئك الرجال الكرماء ما شجعني على الاستمرار في طرح نظريتي هذه أمام استهزاء المثقفين اليمنيين الذين ناقشتهم في صحة نظريتي..

تلك الأطلال قادرة على صنع نشاط سياحي فريد من نوعه, شهرزاد التي ترجمت إلى كل لغات العالم قادرة على الانبعاث من جديد كوجود في محيط قصر العروسة, وقادرة على جلب سياح من كل الجنسيات ومن تم التنسيق مع ذلك الشيخ الكريم وآخرين وأهل قراهم عبر إقامتهم لدور ضيافة والالتزام بحماية ضيوفهم من مطار صنعاء ذهابا وإيابا.. دون الحديث عن النشاط الاقتصادي الذي سيخلق نفسه بتلقائية مع أول القادمين من السياح لتلك المنطقة..



زيارتي الأولى كانت مع بعض اليمنيين من بني مطر حين توقفت لسماع قصة القصر في طريقنا إلى مدينة شبام كوكبان, وهم يحكون بعفوية عن قصة ملك سكن ذلك القصر كان يتخذ في كل ليلة عروسة عذراء..

هناك رجعت إلى الكتاب الشهير ألف ليلة وليلة (الذي لا يعلم أحد بتحديد من ترجمه من اللغة الفارسية إلى العربية ومن كان مؤلفه). وربطته بالتاريخ اليمني وأبعاد الحكايات وزمنها, فاليمن بعد تحرره على يد سيف ذي يزن من الاحتلال الحبشي دخلها الفرس وبالتالي ستكون القصة قد حدثت قبل أو بعد الإسلام بقليل, فالكاتب ذكر الخليفة هارون الرشيد كأحد شخصيات المؤلف رغم أنه ترجم في زمنه, وهذا ما يجعلني أعتقد أن المترجم غير من أحداثيات وشخصيات القصص وأعطاها صبغة عربية وإسلامية حتى تتناسب وتفكير المجتمع الإسلامي..

لذلك أبتعد التفكير في جغرافيا اليمن كمكان للقصة شهريار..


فمكان قصر العروسة الذي كان معزولا عن العالم أقرب إلى مسرح أحداث القصة من أي مكان آخر, فشهريار كان حاكما تنقصه الخبرة بالعالم الذي يتعدى مدينته التي تعود رؤيتها من قلعته التي كانت فوق جبل.

ولم يعرف شيئا عن حياة البسطاء في أسفله. فكانت أول صدمة عاطفية في حياته التي تعود أن تكون كما أراد وأمر, كافية لأن تجعله شخصا آخر بمعرفته السطحية للحياة والعالم, وربما استوعبت شهرزاد ذلك فعاملته كما يعامل طفل يكتشف الحياة من خلال سردها لحكايات مليئة بما يود سماعه فتبدأ بالخيانة وتنتقل به إلى الحارات وعالم البسطاء وتارة إلى قصور الأغنياء وتحلق به من جديد إلى أكواخ الصيادين والفلاحين, فيعلم أن هناك الصالحين والطالحين وهناك الفرح والدموع الموت و الحياة وعليه أن يختار ماذا يريد أن يكون في كل هؤلاء الأشخاص التي تنتهي قصصهم بعبرة تكون بداية لحكاية أخرى..


هناك من الباحثين من يرجحون أن الملك طلب من أحد كتابه أن يدون كل قصص شهرزاد وهناك من يقول أنها هي من دونت تلك الملحمة حتى تخلد انتصارها وتدون تجربتها في ما حققته من تغيير جدري لعقيلة رجل من ملك دموي إلى ملك حكيم وعادل..

وهذه الترجيحات تؤكد أن شهرزاد لم تكن أسطورة فلا يعقل أن تكون تلك البداغوجية في السرد التي كان الهدف منها تغيير عقلية وتفكير الملك من نسج خيال وإنما من تجربة سبقت عصرها..
أيا كانت تلك الأطروحات تبقى صاحبتها امرأة .. ويظهر ذلك في رؤيتها الفوقية للمرأة الجارية في حكايتها وتزكية الحرائر وهذه لن تكون نظرة الرجل لمرأة.. زد على أن المؤلف كان مليئا بالتفاصيل الصغيرة وهذه من صفات النساء في السرد وليس الرجال..


وأيا كانت تلك الأطروحات تبقى شهرزاد اكبر من مجرد شخصية خيالية شوهها الفونتازم الغربي عبر مؤلفاته وأفلامه عن الشرق الذي لم يكن يرى فيه إلا عالم يملئه الجنس عبر تصوير النساء بملابس شفافة وبراقع تغطي الوجه وحكايات عن اللصوص العرب والعفاريت والجن !!

فشهرزاد ليست غريبة عن المجتمع الشرقي’ وليست مشروطة في كونها ابنة وزير وزوجة ملك, قد تكون أما لدزينة من الصغار , زوجة عامل بسيط. جدة يلتف حولها الصغار. زوجة صابرة لرجل أناني.. شهرزاد ليست بحالة شاذة في المجتمعات العربية وإنما واحدة من كثيرات كان لهن عالمهن الخاص وراء جدران البيوت المغلقة ولازال.

فالمعرفة وتناقل الأخبار كانت متعة النساء في كل زمن, حيث يتبادلن الحكايات والأخبار الآتية من الخارج على ألسنة أزواجهن ومناقشاتها, فلم تكن النساء بعيدة أبدا عما يجري وراء الجدران.. فالحديث عن كل شيء أو ما كان يسميه الرجال بالثرثرة كانت تسليتهن الوحيدة.. ووسيلة للتعلم.. فأخذ العبر من حكايات الآخرين هي من اختصاص النساء.. فالنصيحة دائما لكل من تشتكي تكون عبر سرد حكاية لأخرى وتقديمها لحل عبر تجربة بطلة تلك القصة..

فليس ما تتحدث عنه النساء دائما يجب أن يكون بثرثرة.. فوراء كل حديث هناك عبرة يجب استخلاصها وكلما تقدمت النساء في السن كلما زاد إتقانهن لتقيم تجارب الآخرين وتقديمها كمعرفة للمبتدئات في هذه الحياة..

أيعقل أن تكون أول من أستخدم العلاج النفسي وأذكي النساء في عصرها يمنية !؟ !
حين عرضت الموضوع على أحد علماء التاريخ البلجيكيين استنكر في البداية لكن حين عرضت عليه بالتفصيل نظريتي أجابني بتحمس "نعم نظريتك صحيحة شهرزاد يمينية"!!!




مؤلف ألف ليلة وليلة


لقد ارتبط تلقائيا في أذهاننا المؤلف الشهير "ألف ليلة وليلة" بثنائية الموت والحياة, القوة والعقل, اليأس والأمل .. وإن ظل كل ما يعنيه هذا المؤلف لدى الكثيرين هو كونه مجموعة من القصص التي تبدأ بخرافة وتنتهي بأخرى. واجتهد البعض في طرح رؤيتهم لثنائية شهريار و شهرزاد على اختلاف ثقافتهم وخلفياتهم الفكرية..
فالعرب رأوا فيه حكايات تملئها الجنة والكنوز المرصودة, أو قصصا تصل بمسكين لمصاهرة السلاطين و تزف فيها ابنة الفرَّان إلى قصر السلطان, أي كل ما نراه بحسابات المنطق لامعقول ولا يكون إلا بأمر الرحمن بين الكاف والنون.. أما الغرب فرأوا فيه فنتازيا تحولت إلى صورة ذهنية ثابتة تحضر تلقائيا كلما ذكر العرب, أو عن الشرق الذي صار في المخيلة الغربية مجرد صحراء بها نخيل.. تملئ قصورها الجواري النصف عاريات تجتمعن عند قدمي رجل واحد.. ينتظرن في دلال عطفه و رضاه, و عرب بالسيوف للسطو وقطع الرؤوس.. وإذا ذكرت شهرزاد في الغرب فلا يكون ذلك إلا في أعمال هزلية أو هابطة لابد لها من مبرر تقني لتظهر النساء فيها عاريات أو باحثات عن المتعة المحظورة, فلا تظهر إلا كامرأة غبية لا تجيد سوى حكايات يحل الجراد الأخضر فيها مكان الضفادع و سجادة تطير بالجان, لتتخلص بخوفها أحيانا وبجسدها أحيانا أخرى من سيف العبد "مسرور"..

وإن كنت كلما أعدت قراءة مؤلف "ألف ليلة وليلة", يرسخ لدي اعتقاد بأن المؤلف ابتدأ في شكل سيرة ذاتية اتخذت ضمير الغائب ولم يكن بشكله الذي وصلنا عليه اليوم, وإنما أضيف عليه قصص أخرى عند ترجمته من الفارسية إلى اللغة العربية أعطته أحيانا طابعا تقريري لما كان عليه الحياة الثقافية والاجتماعية وحتى بشكل مناور الحياة السياسية..


فلابد أن كلا منا تسأل مرة من كان مترجمه ومن أضاف تلك الحكايات التي اتخذت الخليفة وأعوانه أحيانا كأبطال لقصصه؟

فإذا كان هناك حرية فكرية وثقافية لم تضع الخليفة في خانة المقدس, فلما لم يصلنا شيء عن مؤلفه أو أصله أو حتى عن مترجمه ؟



بقراءتي للنص من خلال إسقاطه على الوضع الاجتماعي والثقافي للمجتمع الإسلامي آنذاك يمكن أن نفترض بقوة أن المترجم (وربما كان الكاتب أيضا) امرأة, وذلك لثلاثة عوامل وهي:



1- الخصوصية الاجتماعية للمجتمع العباسي :
إذا رجعنا إلى الخصوصية في المجتمعات الإسلامية آنذاك, فالحشمة والتحفظ ما كان يميز سيدة من عائلة محافظة أو محضية في ذلك الزمان عن الجواري, فكان من الضروري أن يحصلن على قدر كاف من المعرفة والتهذيب على يد معلمين أكفاء بمنازلهن, يتممنها بالقراءة و الاطلاع, فإذا كان المترجم امرأة سيكون من الطبيعي أن تخفي شخصها إذا كانت القصص بكل تلك الجرأة.. وخصوصا حين نقف عند الجرأة التي قدمت بها الفنتازيا الجنسية لأبطال القصص.

2 - أسلوب السرد.

إذا رجعنا إلى الحياة اليومية للنساء في ذلك العصر, سنجد أنها كانت لا تتعدى الجدران في أغلب الأحيان, فيتركز نشاطهن (خارج لائحة الأعمال المنزلية) في اجتماعات نسائية يكون فيها الحديث الغالب عليها والأخبار والشائعات التي يأتي بها الرجال عن ما تتناوله الألسن خارجا و قصص الجدات التي لا تخلو من الخرافة و العبرة.

وهذا ما ميز أحداث القصص المضافة, فكلها كانت تحمل طابع خبر أو إشاعة شغلت أحاديث الناس..


وأيضا ما يميز سرد النساء عن الرجال هو التفاصيل الصغيرة والكثيرة, و المؤلف كان مليئا بالتفاصيل مما يدعونا من جديد لنفترض أن الأسلوب نسائي.


3- صورة المرأة في مؤلف ألف ليلة وليلة.
وهنا سنجد أنه قدم شهرزاد كامرأة عاقلة, حادة الذكاء وسريعة البديهة, وشديدة الإطلاع والمعرفة على عكس شهريار الذي تجسد فيه كل ضد, وهذا ما يتعارض مع عقلية الغالبية السائد آنذاك التي كانت تستهجن سيطرة النساء المعنوية أو تقدمهن بفكرهن الرجال رغم أن ذلك لم تخلو منه أخبار الظهور وكانت النساء فاعلات بطريقة غير علنية وغير مباشرة سياسيا.

وهذا ما يجعلني أيضا أستبعد أن يكون المترجم رجلا (إلا إذا شهد ذلك العصر مفكرا تقدمي يدعوا إلى إشراك المرأة في الساحة الفكرية والسياسية, وهذا ما خلت منه أخبار الظهور للعهد العباسي ). وربما كان الكتاب نوعا من الاحتجاج لديها على تهميش النساء في مجتمع كان يشهد انتعاش وتقدم فكري وثقافي لم يفرز فيه مكانا عادلا لهن , فاختارت أن تقدم رؤيتها لكل النساء من خلال ترجمتها لمؤلف ألف ليلة وليلة.

كذلك إذا ركزنا على مساحة الأدوار بين نساء القصص, نلاحظ تقديم الزوجة أو المحضية في الغالب عن الجواري, فتتخذ هذه الأخيرة أدوار ثنائية, و تأطر الغواني في قصص تراجيدية أو تختار لتجسد الشر أو مسببه في السير الدرامي للقصص, وهذه في نظري رؤية نسائية لنفسها وما تمثله اجتماعيا وللأخريات اللواتي يمثلن طبقة اجتماعية أخرى أقل إن كان معنويا أو أخلاقيا, وليست نظرة رجولية يعتمد التقيم فيها على سلطان الحواس الخمس ثم العقل, لا على التميز الطبقي.


من كانت شهرزاد؟

لم أجد للآن في كل ما قرأت من ذكر أصلها أو حتى افترض أن تكون شخصية حقيقية.
لكن إذا قرأنا الكتاب بعيدا عن كونه رواية تألفت من مجموعة قصصية يربط بينها حضور شهرزاد في بلاط الملك شهريار, سنجد أن المنطق و الترتيب الواقعي يغلب على أحداثه وأنه مؤلف يسبق زمانه بكثير إذا سلمنا على أنه كان من خيال مبدع, بل أصل إلى القول بأنه احتوى على منهجية للعلاج النفسي على المقاييس العصرية..




لما شهرزاد ليست أسطورة..

المسيد هو نوع من السحر اشتهر في اليمن.. تتداولته بعض النساء للسيطرة على رجل بعينه.. 


يقال أن المرأة التي تعتزم التحول إلى مسيد.. يتوجب عليها الاستحمام أربعين يوما بالحليب والاعتزال في خلوة .. وبعد تلك المدة تتحول إلى نصف امرأة ونصف جمل..

فتستطيع السيطرة على الرجل الذي تريده بأن تحوله إلى الحيوان الذي يروقها فلا يراه الناس إلى في هيئة حيوان وتراه هي فقط في هيئة رجل..

يحكي أحد الشيوخ في تهامة أن واحد من معارفه سحرته أحداهن.. وقد لوحظ أن المرأة لم تعد تخرج من دارها واختفى احد الرجال المعروفين بوسامته..
وبحث عنه أهله في كل مكان إلى أن يئسوا ..وفي يوم عاد إلى البيت بعين واحدة دون الاخرى..

فسأله أخاه عن سبب فقدان عينه فقال له : انت من افقدني إياها..
فاستنكر عليه قوله,, فذكره يوم كان يأكل أمام الدار وجاءه كلب يتذلل إليه فرماه بحجر أذهب عينه.. فقال : كنت ذلك الكلب والمرأة ماتت فذهب عني سحرها..

  الايات القرانية التي تتحدث عن سحر المسيد:

قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (65) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (68) وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (70) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذابًا وَأَبْقى (71) قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (74) ومَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى 76

(وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين. قال نعم وإنكم لمن المقربين. قالوا ياموسى إما ان تلقي وإما أن نكون نحن الملقين. قال القوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم واوحبنا إلى موسىأن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون. هنالك وانقلبوا صاغرين وألقي السحرة ساجدين.) الاعراف 120 121

السحر هو كل امر يخفي سببه ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى الخداع وكل الامم الوثنية كان السحر طقسا من طقوسها الدينية.. وأصل السحر في لسان العرب هو صرف الشيء عن اصله أو حقيقته إلى غيره فكأن الساحر لما قدم الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير وجهه أي صرفه



ونقسم السحر إلى أنواع ثلاثة :

سحر التخيل :وهذا النوع من السحر يستعمل فيه الساحر عنصرين
مؤثرين في الخيال فيستطيع الساحر أن يتصرف في خيال المسحور كيفما يشاء فيريه ما يريد
والعنصران هما :
سحر العيون
وذلك مثل ما حدث لقوم موسى حيث أنهم رأوا الحبال والعصي وهى تمشى وهى في الحقيقة ثابتة لا تتحرك ولكن سحرت أعينهم فصاروا يرونها تتحرك وتسعى ،


السحر المؤثر : وهو عبارة عن عزائم ورقى وعقد وطلاسم شيطانية من خلال اتفاق بين الانس والجن (وكل منهما يسمى شيطان)..

تاريخنا الجماعي ليس اسطورة:

لو قرأنا قصص شهرزاد سنلاحظ أنها في الجزء الاول منها كانت تحكي كثيرا عن الخيانة بل وكانت أول قصصها لمرأة خائنة.. كانت تحكي عن الساحرات وعن الجن.. في استراتجية لكسب ثقة شهريار بالتحدث عن الخيانة التي لا يريد غيرها كعنوان للنساء.. وكانت تتحدث عن الساحرات والجن في محاولة للاستغلال الخوف الذي كبر مع شهريار من تلك الشخصيات الحاضرة الغائبة في فكره بل والفكر الجماعي لقومه.. وفضوله الطبيعي ليعرف المزيد عن ذلك العالم الخفي..

حكايات النساء الجنيات والساحرات والحيوانات التي تتحول فجأة إلى بشر لم تكن أساطير في ذلك الوقت.. بل كانت حقائق مسلم بها.. لأن السحر كان لوقت قريب قبل الاسلام من طقوس الكهان لتقرب من الالهة وجلب رضاها والحظ الحسن..

فإذا كانت حكايات الساحرات والمسيد والرجال المسحورين في هيئة الحيوانات أو العكس نساء مسحورات في هيئة الحيوانات.. كانت مجرد أساطير فإن شهرزاد مجرد اسطورة..
أما إذا كانت جزء من تاريخ لم نحضره فشهرزاد أيضا جزء من ذلك التاريخ الذي لم نحضره..


تعليقات بعض القراء في أحد المنتديات التي نشر بها الموضوع : 

المحمدي:



وأنا أسأل نفسي من أين اتى هذا الاسم
في اشعار أديب اليمن البردوني


فهذه بيت في أحدى القصائد




عن((شهرزاد)) و((باب خيبر)) و((ابن علوان)) لنجيد




ــــــــــــــــــــــ






وهذه بيت آخر من قصيدة أخرى






فيقذفه سفر حالم ... إلى سفر ، من رؤى (شهرزاد)


ــــــــــــــــــــــــــ


وهذه بيت من قصيدة أخرى




أنا من مغاني شهرزاد *** إلى ربى ، الصحو انتسابي




ـــــــــــــــــــــــ




وهذه بيت من قصيدة أخرى






ها هنا يا شهرزاد انطفأت *** نار جدبي وابتدت نار خصيبه






ــــــــــــــــــــــــــــ




وهنا بيت آخر من قصيدة أخرى






تتناجون بينكم : أتراها *** بنت " كسرى " أم " شهرزاد " الصغيرة ؟






ـــــــــــــــــــــــــــــــ




لم أكن ( شهريار ) لكـن تمـادت***.عشـرة صورتـك لـي ( شهـرزادا)


ّّّّّّّّّّ---------------------------------------



الصيدلاني :
يا جماعة خليتوا كل الناس يمنيين
أهل الكهف (تعز)
وقابيل وهابيل(سوقطره)
وقوم صالح(حضرموت)
والنبي شعيب(صنعاء)
وكل هؤلاء ليسوا من اليمن
حتى شهرزاد؟؟
لانريد شهرزاد يمنية أهم شيء نثبت حقنا التاريخي بإثبات أن الملكة بلقيس أمنا
وليست حبشية!!!!
الأحباش بدأوا يشارعونا على بلقيس واحنا ندور على شهرزاد!!!!!!!!!!!!!!!!!
الغيرة على تاريخنا مهمة ولكن الغيرة على انتمائنا وحاضرنا وواقعنا أهــــــــــــــــــــــم
تحياتي
مختار

----------------------------


قلب م ي ف :
كنت قد لزمت الصمت حيال هذ الموضوع لأن الخوض فيه عديم فائده
لكن اصبح الرد مجاز من حيث التطوراة
شهرزاد اسطورة من الماضي سوأ حقيقه أم خيال لن نختلف عليها
لكن ماذا تفيدنا وان ثبتت صحتها
يمنيه؟؟؟



لن نحارب بها الطامعين لبلدنا
ولن تفيد الموطن
ولن نوكلهم عيش في ان نسبت الى اليمن اليمن تاريخ ومعترف فيه لكن
اين اليمن الان بماذا سنتحدث ... عن المصانع الانتاجيه ام مصانع الاسلحه
ام البنية التحتيه التي تتصدق علينا بعض الدول أم/ ترسانة الاسلحة
التي عجزة عن تصدي لبعض المتمردين
مذا سنقول عن كم من علماء الاقتصاد ام من علماء الذره ام من جميع
المقاييس العلمية التي يجب ان تكون ولا تقولي أني مواطن فاشل
المغرب ليس بعيد عنا
لن يرجع الماضي الا ذكرى وان تذكر احد الباحثين تاريخ اليمن سيجزم ان ما على الارض اليمنيه
ليسو بيمنين ان كان قد كانت قبل الاف السنين هذه الحضارة
وهم الان من أولى الدول المصنفه فقرآ
والأمية تتجاوز 60%
اين من يهتمون بها ويجعلوها مستمره في بناء العلم والرقي للمواطن وبناء الانشاء المعماري
شهرزاد وغيرها
كل هذ لن يفيد المواطن بشي
نريد ان يكون البحث عن ما ذا انتم فاعلين في المستقبل ما هي الخطط التي شرعتموها
للحفاظ على الماضي ونهضة لحاضرمزدهريصنع من اليمنين شعب عظيم
له احترامه اين ما وجد
ماذا صنعنا


سياسياً وثقافياً واجتماعياً وأخلاقياً واقتصادياً
عجز قلمي ان يكمل ألم وحصرة
ومعه حق ماذ يكتب عن اقلام مزايد ه من لاشي اقلام طريقها من طريق المنتنفذين لايهمهم المواطن الا حين يريدو نشوة التصفيق
لنتكلم عن التاريخ
انا من يافع سلالة حمير معروفه
هل أتقدم لوظيفة بتاريخي ؟؟
ام بعلمي
هل اجبر الناس على احترامي بجدي حمير
ام بمكانت دولتي وحجمها بين دول العالم
العقل زينه والجنان تعلام مثل( ذماري)
دمتم ولنا لقاء

--------------------------


ا
صيدلاني :

أختي آمال..
جمعة مباركة عليك وعلى كل من يطالع هذه الصفحة...
أولا أرحب بآراء أشيد وقلب وأؤيدها
وأشكر أخي الأكبر أمين على كلماته الرائعة
وبعد..
البحث اللي عملتيه جبتيه من النهاية!!
كان لازم أختي قبله تجيبي لنا بحث عن المؤلف الحقيقي للرواية وبحث آخر يثبت أن شهرزاد شخصية حقيقية وليست خرافة وأن هناك ملك اسمه شهريار كان كل يوم يتزوج امرأة ويقتلها اليوم الثاني حتى قتل ألف امرأة وشعبه المسكين يقدم النساء قرابين له!! وبعد هذا كله يأتي إثبات أن شهرزاد يمنية!! بعدها يأتي هذا السؤال ليطرح نفسه..
فإذا كانت يمنية فهل هذا فخر لليمن أن يكون ملكها ببطش وقسوة ووحشية وبهيمية شهريار؟؟؟
إن روايات ألف ليلة وليلة من أكثر الروايات التي تسيء إلى عادات الشرق وتبين كيف أن المرأة الشرقية مجرد جارية للهو والتسلية والمجون وقد جاء الإسلام ليضع الأمور في نصابها الصحيح..
أتمنى أن لا تكون شهرزاد حقيقية وإذا كانت حقيقة فأسأل الله أن لا تكون إحدى جداتي!!
تحياتي

 

يوميات معارص مبتدئ (1)

تفحص الجريدة وعيناه يملئهما اليأس وهو ينظر إلى مقالته الصغيرة التي شطب منها الكثير ككل مرة بدعوى أنه حشو لا داعي له.

لقد كان مؤمنا أن عمليات الاستئصال هذه لمقالته هو ما سيبقيه صحفيا مغمورا إلى الابد ..

لا أحد يصدق أنه صحفي حتى صاحب البقالة الذي امتنع عن تزويده بأي شيء لعدم التزامه بالدفع وأصبح يعامله باستعلاء وعظمة, فهو صاحب البقالة المحترم وهو مجرد زبون غير محترم !!




كلما تذكر شكله وسط جمع ما يصاحبه شعور بالغضب, لا أحد يعيره إهتماما, لا أحد يصوب عدساته نحوه, بلا جدوى يحاول إقتحام نفسه في كل نقاش لثير الاهتمام وهو يحاول تصيد أي نقطة يثبت بها أنه من المثقفين وأنه على أطلاع دائم.. لكنه كلما حصل على فرصته تضيع كل الكلمات التي جمعها, يتبلل قميصه بالكامل عرقا, ويصطدم بنضرات من حوله الغير المشجعة فيزداد تصببا أكثر فأكثر, ويتحول أمام الجميع إلى فارغ وتافه مثير للشفقة.

وفي القائمة الطويلة زوجته أيضا, التي كانت مبهورة به في بادئ الامر وأصبحت هي الاخرى لا تتوانى عن اتفزازه كلما سنحت لها الفرصة, ولا شيء يستطيع ردعها الان !!

نظر إلى زوجته وهو يقول في نفسه (كذب من قال وراء كل عظيم أمرأة!!).
وكأن زوجته قد قرأت أفكاره فقالت في خبث :
- إيش ما نحنا عجبيناك؟ !!

- تطير بثلاث, بيتك وزوجك وحصانك !! من يوم ما عرفتك وأنا ورا..


- لو عرفت تكون راجل ما كنت بقيت ورا !!


حاول تمالك غضبه وهو يرى ذلك التحدي في عينيها وهو يتساءل من أين تأتي بتلك القوة, من ضعفه أم من فشله المزمن في ان يثبت لها أنه الرجل !!

لها كل الحق ما دامت صاحبة القوامة في منزله !!
تظاهر بعدم الاهتمام إليها وهو يتابع شريط الاخبار أسفل الشاشة لكنها تابعت في خبث وكأنها تعلم كلما يهمس به لنفسه :

- مشكلتك أنك عامل مثل جحا لما قعد على الارض يستني ربنا ينزل عليه مليون ريال..


أجابها مستهزئا

- إيش أروح أسرق لي ولا أرتشي !!

- الاول خلي الناس تعرفك ليش أنت تسوى حاجة حتى يرشوك !!


- كيف ياشجرة الذر !!


- شتم لك مسؤول.. يحبسوك يومين وبعدين تصير مناضل واسمك على كل لسان..

لمعت عينيه فجأة وهو يقول في حماس
- أنا أشوفلي وزير فاسد وفضحوا !

- راح تبقى تشوف عمرك كله عند رجليك ?!!

كل الصحف تشتم الوزرا..

- أشتم رئيس الوزرا؟


- ما عملت حاجة


- مين أشتم؟ منو فاضل غير..


- هذا ! أنت داخل السجن أدخل على حاجة تستاهل !!


تمالكته رعشة لا يعلم إن كانت من الخوف أو من حجم الضحية وهو يجيبها في توثر

- صحيح النساء ناقصات عقل ودين..

- انظر إلى الامر من كل الزوايا أيش الحاجة لقاعدة الدنيا وقايمة عليها غير الاختراع الامريكي الجديد : الديموقراطية للجميع !!


- ظل صامتا وهو يحاول أن يصل إلى ما ترمي إليه فتابعت في لؤم
- قل إنه ديكتاتور.. لما تذخل السجن قضيتك تصير قضية رأي عام, المنضمات تتدخل والصحافة تهدر !!
لاذ بالصمت وهو يحاول إعادة حساباته, في البدء حاول طرد الفكرة من رأسه لكنها ظلت تختمر بداخله, (كلها بضع أيام في السجن, أشهر حتى أو ربما سنة على أبعد تقدير المهم ما سيحصل بعده والاهم من ذلك أنه سيستريح من كل القهر الذي يعيشه.. على الاقل سيأكل ويشرب ولا مصاريف ولا مسؤوليات تتبعه, وبعجزه الاختياري لن يضطر إلى تبرير عجزه المفروض..)


ولم يجد صعوبة هذه المرة في كتابة مقالته بسرعة. فما يريده كان يريده بنفس السرعة.
فتح الجريدة وكأنه يفتحها لاول مرة, فتحها وهو يتمنى ألا يجد مقالته وشكك للحظة في أن يجدها, لكنها كانت موجودة..
خالجه ساعتها شعور بالخوف أنتشر بذاخله بسرعة جعلته يتشتت بين نادم وضائع, أخذ يفكر بما سيحدث بعد لحظة أو بعد ساعة, ومع انتظاره المعذب صار الزمن بطيئا جدا, كان يقفز من مكانه كطفل مذعور كلما طرق بابه أو رن جرس هاتفه وهو يبتهل في صمت قريب للبكاء :
-(إنا لله وإنا إليه راجعون’ اللهم لا أسألك رد القضاء وإنما أسألك اللطف فيه..).
ومر يوم وإثنان وهو لا يزال ينتظر من يجره إلى السجن وكان شعوره بالعظمة لا يظهر إلا أمام البقال لكنه يتلاشى بسرعة كلما نظر إليه في استعلاء كعادته وهو يذكره بحسابه المجمد لديه!!

كان ينتظر منه أن يسأله عن مقالته أوحتى أن يرى بعض الفضول في عينيه لكنه ظل ثابتا في استعلائه فقد علم هذه المرة أن البقال لا يقرأ الجرائد وبالتالي لم يره ولن يره كما يريد !!


ومر يوم آخر وآخر ولم يتغير شيء لا طارق على بابه و لا أحد سأله عن ما كتبه, وأمام صمت زوجته اللئيم كان لا يجد لنفسه سوى التبرير :

ربما كان العنوان غير لافت للنظر.. أيعقل أنه لم يقرأ ما كتبته عنه؟؟
اجابته في مرارة:
المعقول الاكيد هو أنك فاشل ولا أحد يقرأ ما تكتبه !!

لأنك ببساطة تكتب عن نفسك لا عن غيرك..

تمت

من مجموعة : حكاية لما قبل النوم/2006
نشرت بجريدة الثقافية العدد 247

بلزاك في مرآة المثقفين الفرنسين



من المعلوم أن فرنسا احتفلت في نهاية القرن الماضي عام (1999) بذكرى مرور مائتي سنة على ولادة كاتبها الكبير هونوري دو بلزاك (1799 ـ 1850). وأنا الآن على طريقتي الخاصة أحتفل بمرور مائتين وعشر سنوات على ولادة أكبر روائي فرنسي.
ولكن بلزاك يتم الاحتفال به كل يوم من خلال قراءة أعماله الخالدة. ففي المترو والباصات كثيرا ما تجد الفرنسيين منهمكين في قراءة إحدى رواياته التي يبلى الزمن ولا تبلى. وهذا أكبر تمجيد له. هذا يعني أنه لا يزال حيا وسيبقى لأن الأدب العظيم لا يموت. ولكن الشيء الذي أدهشني أكثر من كل ما عداه هو أن كلود ليفي شتراوس الذي تجاوز المائة عام قبل بضعة أشهر، والذي توفي 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال إنه منخرط في قراءة روايات بلزاك للمرة الأربعين! تصوروا أربعين مرة! من يصدق ذلك؟ إنه لا يشبع منها.. ومعه الحق..
والواقع أن الصحافة الفرنسية تهتم به دوريا، وكذلك المفكرون والأدباء وحتى رجال السياسة. فكيف يراه هؤلاء بعد مرور أكثر من مائتي سنة على ولادته ومائة وخمسين سنة على موته؟ ذلك أن بلزاك لم يعش طويلا على عكس ما يوهمنا إنتاجه الضخم ورواياته التي تجاوزت الثمانين! فقد مات في منتصف العمر: أي في الخمسين. فهل كان يكتب ثلاث أو أربع روايات في السنة؟ لقد كان وحش كتابة. هذا أقل ما يقال. كان ينام من الساعة السادسة بعد الظهر إلى الساعة الثانية عشر ليلا. عندئذ يستيقظ ويبتدئ يوم بلزاك الحقيقي على عكس بقية البشر. كان يلبس البيجاما ويحضر طنجرة القهوة ويبتدئ بتسويد الورق الأبيض ليس فقط حتى الفجر، وإنما حتى ظهر اليوم التالي. اثنتا عشرة ساعة عمل متواصلة. عشرات الفناجين من القهوة تحتسى كل يوم، وعشرات الشخصيات والأبطال والعقد الروائية والمغامرات تنعقد خيوطها وتنحل على الورق كل يوم. بل ويقال إنه كان يغلّق عليه النوافذ والأبواب لكيلا يسمع ضجة الشارع فيصبح منقطعا كليا عن العالم الخارجي لكي يتفرغ لعالمه الداخلي الجواني. عندئذ كان بلزاك يدخل في عالم آخر لا نعرفه نحن الناس العاديين: عالم من صنع الخيال. عندئذ كانت تبتدئ حياة أخرى غير التي نعرفها: حياة الخلاقين الكبار. عندئذ كان يرخي لعبقريته العنان.. وفي الصباح ـ أو في وقت الظهيرة بالأحرى عندما يكون قد تعب وسكر دفاتره ـ كان يجد صعوبة للوهلة الأولى في العودة إلى العالم الطبيعي، عالم الحياة. فليس من السهل أن تغطس في عالم الخيال المجنح طيلة ساعات وساعات ثم تعود إلى العالم الحقيقي مرة أخرى. ليس من السهل أن تنتقل من عالم الخيال إلى عالم الواقع بمثل هذه البساطة. وفي بعض الحالات كانت تختلط عليه الأمور فلا يعود يعرف كيف يميز بين العالم الروائي والعالم الحقيقي. وقد حصل ذلك لحظة احتضاره عندما راح يستنجد بالطبيب «بيانشون» لكي ينقذه: وهو طبيب غير موجود على أرض الواقع وإنما يمثل إحدى الشخصيات التي اخترعها في الكوميديا البشرية!
كيف ينظر إليه الفرنسيون الآن؟ وما هو تقييمهم له؟
يرى «جان دورميسون» عضو الأكاديمية الفرنسية الشهير أن الرواية البلزاكية هي رواية واقعية. فما يرسمه بلزاك وما يصوره، هو العالم الحقيقي الواقعي. وبلزاك كان مراقبا من الطراز الأول. كان يسأل أصدقاءه عن المعلومات التفصيلية الأكثر دقة لكي يستخدمها في رواياته. كان يسأل مثلا عن أسماء الشوارع والأزقة والساحات العامة، إلخ... ولكن على الرغم من ذلك فلا يمكن أن نختزل بلزاك إلى مجرد كاتب واقعي موضوعي جاف. بلزاك شاعر قبل كل شيء. إنه رؤيوي. كان خياله متوثبا، مشتعلا، عملاقا. كان ساخنا وباردا في ذات الوقت، أو شاعرا وناثرا في نفس الرواية إن لم يكن في نفس الصفحة! هناك تكمن عظمة بلزاك، وكل فنان كبير من عياره الثقيل: كديستيوفسكي ومارسيل بروست على سبيل المثال لا الحصر. إن كتب تاريخ الأدب الفرنسي تموضع بلزاك عادة في نقطة التمفصل الكائنة ما بين الرومانطيقية والواقعية. ولكن بلزاك هو أولا وقبل كل شيء شاعر ضخم. إنه شاعر العالم الواقعي. إنه خلاق يحلم بإبداعه ويخترعه اختراعا قبل أن يسطره على الورق. في رواياته شحنات شعرية هائلة. ولكن، أليس كل روائي كبير هو إنسان واقعي بارد وشاعر متأجج في ذات الوقت؟ لقد انتقل بلزاك بأدبنا من الرومانطيقية إلى الواقعية. وبعده بنصف قرن ظهر روائي كبير آخر هو إميل زولا، وانتقل بالأدب الفرنسي نقلة إضافية باتجاه المزيد من الواقعية: لقد انتقل به إلى المدرسة الطبيعية. أصبحت الرواية على يديه تشريحا للمجتمع والحياة، كما يفعل عالم الطبيعيات الفيزيولوجية. وقد لامه البعض على ذلك لأنه بالغ في هذا الاتجاه وحول الرواية إلى ما يشبه الدراسة العلمية السوسيولوجية.
وأما الكاتب فيلسيان مارسو عضو الأكاديمية الفرنسية أيضا، فيبتدئ مقالته بعبارة بلزاك الشهيرة: «إني أكتب على ضوء مشعلين خالدين: الله والنظام الملكي». وبسبب هذه العبارة صُنِّف بلزاك في خانة المحافظين الرجعيين الذين يحنّون إلى الماضي، إلى العهد القديم الذي ألغته الثورة الفرنسية. ولكن بما أنه كان مراقبا فذا وعميقا للواقع فإنه استطاع أن يخون قناعاته الآيديولوجية ويكشف عن التناقضات الجدلية الخصبة التي تعتمل في أحشاء الواقع الاجتماعي. وهكذا كان بلزاك تقدميا من الناحية الروائية، ومحافظا من الناحية السياسية. أو قل كان «تقدميا رغما عنه»! بحسب التعبير الرائع لجورج لوكاتش. أما فيكتور هيغو، وكان معاصرا له، فقد رأى فيه كاتبا ثوريا.
كان بلزاك مبدعا من الطراز الأول. صحيح أنه كان يستخدم ملاحظاته الواقعية لكتابة رواياته. ولكنه كان يصهر هذه الملاحظات والعناصر الأولية المستمدة من الواقع في بوتقة ما ويخلق منها شيئا آخر، شيئا جديدا كليا. هنا تكمن عبقرية بلزاك التي لم يستطع أي روائي فرنسي أن يتجاوزها حتى الآن. كان بلزاك يغطس في كل واحدة من رواياته حتى ليكاد يختفي أو يغرق. ولو لم يكن عبقريا لما استطاع العودة من غوصته. كتب مرة إلى إحدى صديقاته يقول معتذرا: «أرجوك ألا تزعلي مني لأني لا أستطيع أن أراك. فأنا غاطس حتى الأعماق في عمل ما. إني أشتغل عشرين ساعة في اليوم. وإذا كنت لم تسمعي بخبر موتي حتى الآن فينبغي أن تندهشي..». هذا هو بلزاك: إنه يلتهم الحياة والفن التهاما. إنه لا يرتوي ولا يشبع. ولكن هناك ميزة أخرى لبلزاك، ميزة تطبع عبقريته بطابعها الخاص: إنها الحرية. بعضهم يدعونها بالفوضوية ولكنهم مخطئون: إنها الحرية. أقصد حرية الإبداع الذي يذهب في كل الاتجاهات ويسلك جميع الدروب..
انتهى كلام فيلسيان مارسو.
ولكن هل هناك إبداع دون حرية؟ ولماذا ماتت العبقرية العربية إذن وسبقنا الآخرون بسنوات ضوئية؟ لاحظ كيف أننا مقيدون بالأصفاد التراثية والفتاوى الفقهية القديمة التي عفى عليها الزمن. لاحظ كيف أننا مشغولون بالقشور المحنطة والتوافه بعد أن نسينا جوهر الدين وعمقه الروحي العظيم..
أما جان ماري روار، رئيس الملحق الثقافي لجريدة «الفيغارو» وعضو الأكاديمية الفرنسية، فيكتب قائلا: كان بلزاك مهووسا بشخصية نابليون. وكان يريد أن يحقق في مجال الأدب ما حققه نابليون في مجال الحروب والفتوحات. كان يريد أن يصبح إمبراطور الرواية مثلما أن نابليون هو إمبراطور السياسة. وقد أصبح. ولكنه، كنابليون، كان مزدوج الشخصية. فقد كان نابليون ثوريا ويحب النظام في آن معا. كان محافظا وتقدميا. وهكذا كان بلزاك: فهو محافظ سياسيا وتقدمي روائيا. ولكن الشيء الذي أحبه بلزاك فيما وراء كل شيء هو الحرية. أقصد الحرية العليا، أو الحرية الأرستقراطية التي يتمتع بها الفنان.
أما موريس درّوون عميد الأكاديمية الفرنسية فيقول: هناك روائيون من عدة أصناف أو أشكال. ولكن جميعهم يشتركون في الخصلة التالية: هي أنهم يحكون قصة ما. والبعض منهم يكتفي بذلك. أما الروائيون الكبار من أمثال بلزاك فلا يكتفون برواية قصة ما لنا، وإنما ينخرطون في مغامرة ضخمة أخطر وأكبر بكثير ألا وهي: إبداع عالم بأسره أو خلقه من العدم تقريبا.
مأساة بلزاك هي أنه عندما وصل إلى كل شيء جاءه ملك الموت. ومعلوم أن سيدنا عزرائيل لا يزورك للاطمئنان على صحتك أو لشرب فنجان قهوة مع حضرتك وإنما لقبض روحك وقرف رقبتك بكل بساطة! كان بلزاك قد حقق كل أحلامه: فبعد عشرين سنة من الركض وراء حبيبته الأرستقراطية الروسية «مدام هانسكا» استطاع الوصول إليها. بل واستطاع أن يسدد كل ديونه ويبني بيتا بورجوازيا في باريس لاستقبال العروس الغالية. ولكن في تلك اللحظة بالذات ضرب القدر ضربته فلم يتركه يهنأ بآماله. ألم يقل المثل العربي: توقع زوالا إذا قيل تم؟
سألها وهو يحتضر: ما الذي أحببته فيّ: الرجل أم الكاتب؟ فترددت لحظة قبل أن تجيب: الكاتب. فقال لها: قبحك الله لقد قتلتني! ويقال إنها كانت تغازل أحد الشباب «الحلوين» في الغرفة المجاورة وهو يحتضر..
ولكن لا ينبغي أن نعطيها دروسا في الأخلاق أكثر مما يجب. فنحن أيضا لسنا ملائكة! وقديما قال العرب: سميت القلوب قلوبا لأنها تتقلب..

هاشم صالح

جريدة الشرق الاوسط

مواطنين ومناضلة وجزار بالمستشفى اليمني الالماني يدعى الدكتور محمد قاسم الثور!!



كان يا ماكان.. كان هناك مستشفى في اليمن يدعى المستشفى اليمني الالماني ’.. يوجد به طبيب يدعى محمد قاسم الثور, بيقولوا طبيب

متخصص باطني وكبد !!

أشوف نبتدي بالمواطنين أحسن !!

كان يا ماكان في اليمن السعيد. مواطن هاجر من
قريته بصحبة زوجته للمدينة صنعاء, حيث عمل كحارس, وصار بمرتبه القليل مسئولا عن كل أقاربه بقريته, فيكفي أن يستلم معاشه حتى تهل عليه مكالمات الاستجداء والرجاء من قريته بوصاب, ليرسل إليهم ما استطاع, وبعد حساب البقال لا يتبقى لصديقنا المواطن إلا حق تخزينة ليوم واحد, يستمتع بها منتشيا بما قام به لأهله, وينام بعدها مطمئنا أن الله سيرزقه برزق كل من يعول عليه في قريته البعيدة.. وأن الله يرزق من يشاء من عباده بغير حساب..

فالقليل من أمثال الدكتور يعلم أن الغالبية في قرية وصاب تعيش على كيس سكر وكيس دقيق وعلبة شاهي بدون حليب طوال الشهر, حيث تنهكهم الأنيميا.. ومعها لا يستسلمون يعملون في حقولهم لزراعة الذرة وينتظرون بيض دجاجاتهم علهم يتحصلون على حق السكر والدقيق والشاهي والدبة الغاز !!

زوجة صديقنا المواطن خريجة ثانوية لكنها تظل دائما ابنة القرية المتقبيلة وزوجة القبيلي, الذي لا يقبل أن تعمل زوجته بين رجال صنعاء المتمدنين, لذلك فكرت صديقتهم المناضلة في أن تقوم الزوجة بمشروع صغيرة يدر عليها ربحا قليل يتزايد مع تطور المشروع, وبالفعل بدأت صديقتنا المواطنة مشروعها الصغير بهمة عالية وتحمس شديد.. وفكرت مبدئيا لتطويره أنها بحاجة لمبلغ 300 يورو كمبلغ ابتدائي تحرك به مشروعها.

وبالفعل أرسلت صديقتنا المناضلة مساعدة من مناضل كبير يهمه أمرهم.., لمعرفتهما الجيدة بصديقنا المواطن الذي صار بكرمه ونبل أخلاقه بنك العائلة الذي لا ترد إليه مصاريفه, فمن أراد الطبيب نزل عليه ضيفا, ومن أراد الدراسة طلب إرسالية ومن أراد مراضاة زوجته أستنجد به , ولا تقل عنه في ذلك زوجته التي لم تتأخر مرة عن واجبها أو عارضته!!

فبمساعدتنا لهذا المواطن الطيب وزوجته الطيبة سنكون ساعدنا أكثر من عشرة أسر أخرى,,
حافظت الزوجة على المال إلى حين إيجاد مكان مناسب, بعدها تبين أنها تحتاج إلى 200 أخرى لكي تحصل على وكالة كموزعة وتستريح من هم نقل بضاعتها ومصاريفها, لذلك وعدتها المناضلة بأن تقنع المناضل بالموضوع, وتكتفي بالحفاظ على ورأس مالها بحذر إلى أن يصلها قريبا مبلغ يكفيها ويزيد..

لكن فجأة ظهرت أعراض شبيهة بنوبات عصبية تصيب الجهاز الهضمي للمواطنة دائما عندما تجرح بكلام أحدهم, فالمواطنة كانت عفيفة اللسان ودائما تكتفي بتلقي الاهانة بقهر يتحول إلى نوبة عصبية في الأمعاء , لذلك وككل مرة نصحتها المناضلة بأن تقرأ قرأن وتتعود بالله من الشيطان الرجيم وسينهي الموضوع,, لكنه لم ينتهي هذه المرة.

وهنا شكت المناضلة في ان صديقتها المواطنة قد سممت بأعشاب من حاسديها الذين تناوبوا على زيارتها في ذلك الأسبوع. لعلمها عن خبرة بسيكولوجية كل واحد منهم وطرق الخاصة في إيذائها ومحاولة التخلص منها..
ولان المناضلة قبل سفرها كانت من زبناء المستشفى الالماني وتثق في أطبائه وصحبتها أكثر من مرة إلى هناك .. فقد رأت المواطنة أن المستشفى الألماني سيكون خير وجهة حتى لا تتعرض إلى "النصب حق المستشفيات".. لكنها لم تكن تعلم أن هذه المرة لن تكون ككل مرة..

هذه المرة كان السيد محمد قاسم (الثور ) من أستقبلها!!

لاحظوا معي.. بمجرد أن سمعت المناضلة بالأعراض أخبرت صديقتنا المواطنة بأنها أعراض تسمم كبدي هي التي لم تدرس الطب في حياتها..

لكن السيد (الثور) لم يعرف ذلك حتى بعد سماع الاعراض وطلب 12 تحليلة وكشافة !!
ولم يكتفي بهذا بل وصف لها تشكيلة دواء من كل فن طرب, (يمكن قال لو مانفع الاحمر ينفع الاخضر ولو مانفعوا الاثنين ينفع الازرق !!)

ذلك العلاج الخاطئ طور حالتها إلى الاسوء وهذه هي بعض من الادوية التي وصفها (الثوووووووووووور)

Simepar

folic

Lmuran

Prednisolone

pantosec

Fadine

Librocol

Gentamycin

Ciprodenk

وأكرر هذا جزء يسير من العلاج, فتصورا معي كبد شخص مسمم مع هذه الوصفة العجيبة التي تشمل من عجائبها دواء ضد الروماتيزم !!

(الثور) يعالج تسمم الكبد ويصف أكثر من مضاد حيوي في نفس العلاج وعلاج لسرطان دم وشلل الأعصاب وغير وغير
لكن كله ولا النكتة حق "التحليلة العابرة للقارات" !!

فبعد أن نجح الدكتور الثور في أسبوعين من تسميم المواطنة بالدواء الذي وصفه, وأي طبيب يستطيع معرفة أن وصف أدوية كالتي فوق لتسمم الكبد يسبب تسمم اخطر من الأول..

طلب من المواطنين أن يرسل تحليل الدم والبول وربما البراز إلى المملكة الأردنية لتحليلها ومعرفة سبب الفيروس الخطير في كبد المواطنة !!

عندما علمت المناضلة (الجاهلة في الطب’ !!) نصحت صديقتها بتوخي الحذر والبحث عن طبيب آخر لأنها تشتم في ما يقول نصبا كبيرا لكنها أبدا لم تكن تتصور أن هذا الطبيب سيصل به الاستهتار لوصف علاج خاطئ حتى يبتز جهل وحاجة الموطنين اللذان صرف رأس مال مشروعهما وباع شيئا من أثاثهم وأستلف من القاسي والداني حتى ينفدوا أوامر الدكتور أبن.. (الثور).
واكتفت المناضلة بالسخرية وتهنئة صديقتها أنها برازها وبولها سافر نيابة عنها إلى الأردن سياحة !! يا حظه هذا الدكتور الألماني الذي حصل معك حق تخزينته ومن معه !!

بعد عودة التحليلات من الأردن كان الالتهاب قد وصلى المرارة والكلى لعدم تحمل جسم المواطنة للعلاج الذي يغيره عند كل كشف ويطلب قبلها تحليلات أخرى بمختبر المستشفى.. أتحفها (الثور ) بالقول : مبروك عندك فقط تسمم !! !!

صديقتنا المناضلة التي كانت تتابع حالتها بالهاتف.. شكت في الأمر, فطلبت منها أسماء بعض من الأدوية التي وصفها لها بعد تدهورت حالتها بشكل خطير.. وحين بحثت على النت وجدت أنه وصف لها علاجا خاطئ.. فأمرتها بالتوقف عن العلاج.. حيث وجدتها في طريقها إلى المستشفى بين الحياة والموت..

فماذا كان رد فعل (الثور) المحترم, انكر وجوده في البدئ, وبعد الاتصال به’ عبر الهاتف, طلب من المواطن أن يسعف زوجته في أي مكان لأنه خارج المدينة وطلب منه أن يذهب إلى استشاري في الصافية ويقول له : أنا جاي من طرف الثور !!

مغلوبا على أمره ذهب المواطن بزوجته إلى مستشفى آخر, وهناك كانت عناية الله ورحمته التي قابلته هذه المرة بطبيب محترم والذي قرر وقف تناول أي علاج.. ويقوم بتحاليل أخرى

لكنه صمم على عملية جراحية للاستئصال مرارة زوجته التي وصلها الالتهاب !!

على رأي جدتي : ( كل ما دجاجتي تقاقي كل ما تبيض !!)

وبما أن المواطنين تعودا عدم القيام بأي خطوة دون استشارة المناضلة, فقد أفتت لهما ساعتها بأن لا يقوما بأي خطوة فقط التوقف عن الصوم وقضائه بعد رمضان ولتكن وجبة إفطارها صدقة يومية, وترك جسم المسكينة يستريح من كل تلك التسممات العقارية وتناول العسل وتبحث لتناغم مع الجسد حتى يتخلص من سم العقاقير .. وبعدها ستكون بخير..

والتزم المواطنين بكلام المناضلة ولم يخيب الله ظنها.. فقط تماثلت لشفاء.. لكنها اقنعت المواطنة بالعودة (للثور) وسؤاله عن حكمة كل دواء وصفه.. وحين فعلا لم يجدا أمامهما إلا ثورا في ثياب طبيب.. حيث طردهما من مكتبه قائلا : 
- مش أنتم تعلموني عملي !!

أكيد لن يعلموك علمك.. لكن عن أي عمل تتحدث.. الطب أم الجزارة !!

أكيد ما راح يعلموك عملك لأنهم قبائل مساكين .. لا جدهم كان جزار ولا أبوهم كان حلاق !!

ولأن المناضلة تعلم خطورة وجود شخص كهذا في مستشفى له زبائنه.. فقط طلبت من المواطنة أن ترفع شكوى في قسم الشرطة ضده وتقاضيه حتى يعلم الجميع خطورة شخص كهذا وتسترجع ما صرفته والذي وصل إلى أكثر من 700 يورو وأن لا تفرط في حقها كمواطنة حتى يكون عبرة للآخرين ويقل هذا الفساد حين يتشجع غيرها لممارسة حقهم كمواطنين في العلاج الجيد والحماية من المرتزقة وذلك بالتبليغ عن الأخطاء الطبية حتى يلقى كل مجرم جزاءه!!

فالأدوية التي وصفها الطبيب البرجوازي في علاج واحد.. كانت باهظة التكاليف لمواطن في اليمن..



المواطنة تحمست لكن زوجها, أحتسب ذلك عند الله والدعاء إلى الله بان يحسن عوضهما في ما خرج من يدهما.. واكتفى برحمة الله عليهما أن شفى قرة عينه ونجاها من مشارط العمليات الجراحية .

تصرف كهذا قد يروق للمناضلة في حالة واحدة إذا كانت خصت المواطنين وحدهم لا غيرهم.. لكن السكوت على موضوع كهذا هو مشاركة في جريمة الصمت عن سفاح يعبث بصحة واستقرار أسر..

إذا صمتنا على هذا ا لثور فسيسقط الكثيرون وربما لن تكتب لهم النجاة كما حالف الحظ صديقتنا المواطنة

ما فعله محمد قاسم الثور في نظري محاولة قتل نفس متعمدة, وما فعله يتعدى الخطأ الطبي إنما مخطط متعمد لاستنزاف صديقنا المواطن عن عمد وأضرار بصحة المواطنة التي كانت ستنهي حياتها لولا عناية الله..

وهنا يجب أن أعلمك يا سيد محمد قاسم الثور أني لست بفتاة القرية المبتدئة في النضال, بل هي عاهة سلوكية بدأت معي مند أن كنت في سن الرابعة من عمري!!.. وتعلمت مند نعومة اظافري كيف أدير معاركي النضالية وإلى أين يمكن أن تصل !!

تعلمت مند زمن بعيد جدا ما الفرق بين مواطن ومناضل ومجرم

فالمواطن من يمارس حقوقه الدستورية والمشروعة حتى لا يسمح للفساد أن يسلبه حقه قبل الآخرين..



والمناضل هو من يمارس حقه الإنساني في النضال لانتزاع حقوق الآخرين قبل حقه

والمجرم هو من يعيش على خوف المواطن وحاجته وغفلة المناضل وغيابه ويصبح غولا حين يكثر الصمت عن جرائمه !!



لهذا أنتظر منك أن ترسل لي باعتذار عما قمت به تجاه أصدقائي الذين يهمني أمرهم وحياتهم ولن أتنازل عن حقهما الاعتباري .. وسأترك لك مدة شهر.. بعدها.. لا تلمني إذا مارست حق النضالي ووجدت أسمك الثلاثي بلغات أخرى غير العربية وربما تصلك نسخة عن رسائل لمن يهمه الأمر.. وساعتها أخبرني كيف ستستمتع بمص دماء الأبرياء من أبناء اليمن والعبث بصحتهم وحياتهم!!

وأكفل لك حق الرد على نفس الصفحات.. إذا كان لديك رد !!

مع تحيات المناضلة : آمال عكيفي

بالتوفيق إنشاء الله..

أهل الجنة وأهل النار





A la noblesse d’un homme généreux que ne peux le rencontrer qu’une fois dans la vie

.. A un ange qui s’appelle Fréderic mari..

- 1 -


عندما كنا صغارا كنا نرى الله دائما في السماء.. هناك.. فوق.. وراء تلك السماء الزرقاء نهارا والسوداء ليلا.. كنا دائما نرى الله في السماء بعيدا يراقبنا دون أن نراه..
نتشاجر مع بعضنا كثيرا.. ولا يكفي تشابك الايدي ونثر التراب وقدف الحجارة للخروج بنصر حيث يسرع أحدنا قبل الاخر برفع أحد الأصابع للاشارة لشيء بديئ.. وكان رد المتلقي لتلك الاهانة دائما



- لم تصلني لقد أشرت بيدك إلا السماء.. سوف يعاقبك الله!


فيملئنا خوف الصغار لارتكابنا تلك الفعلة.. وكأن الله معزول في السماء وينظر إلينا منها بصمت.. هكذا تعودنا حين نفكر في الله أن ننظر إلى السماء.. وحين نرفع أكفنا الصغيرة بالدعاء ننظر إلى السماء.. وحين ننتظر العقاب نحتمي من السماء..
وكثيرا حين نكذب ينهرنا الكبار ويتبرؤا مما جئنا به لأننا سندخل جهنم!!


وكلما كبرنا يتلاشى ذلك الخوف شيئا فشيئا .. لأننا نقنع أنفسنا أن الكبار دائما يكذبون وأن الله يغفر الدنوب جميعا.. شيئا فشيئا ننسى أننا سنعاقب لأن مواجهة الحياة ونحن كبار لها أعتبارات أخرى لم تحضرنا ونحن صغار.. فتتعاظم تلك الخطايا التي تسبقها كلمة محبوسة في الحلق تستجدي غفران الله .. ونكمل فعلتنا بخوف يتلاشى هو الاخر مع تكرار تلك الخطايا..
بل ننساق إلى تمجيد أفعالنا الخيرة ونمن على الله أننا كنا طيبين للحظات..


- 2 -

.. مثلا عندما كنت طفلة كانت جدتي تقول أن المسلمين يذهبون إلى الجنة والنصارى واليهود سيذهبون إلى النار!!
كانت جدتي تقول أيضا أن من يصلي سيذخل الجنة وأن السكارى سيذهبون إلى جهنم!!
عندما كبرت لم يعد ميزان جدتي ينفعني لتقيم اهل الجنة أوالنار..
فهي كانت لها حياتها البسيطة واهتمامات صغيرة, وصلاة تواضب عليها وحياة كانت راضية بها وقانعة.. لكن قناعاتي أنا التي كونتها بما فسرته لي كانت تهتز كلما ابتعدت عن محيط منزلنا..


أذكر تلك الليلة جيدا, كنت في طريق عودتي إلى منزل بعد أنتهاء دروسي الليلية.. ولكي أصل إلى وسيلة الموصلات المتبقية في الخدمة تلك الليلة كان علي أجتياز شارع طويل مليئ بالحانات والملاهي اليلية..
من بعيد كنت اتابع شابا في الثلاثين يبكي كالاطفال ويتخلص من أذرع الرجال من حوله لكي يجتوا على قدمي سيدة عجوز يقبلها في هستريا.. ذلك المنظر جعلني قلبي يدق من الخوف كلما اقتربت منهم..

لم يكن لي خيار أخر إلا المرور بجانبهم, وكلما اقتربت, كلما أستوعبت من تلك الاصوات التي تخترق أذني ما يجري..
لم يكن الشاب يريد بأي شكل إيداء تلك العجوز.. فقط, بعد أن لعبت الخمر برأسه.. تذكر والدته, ورأى في تلك العجوز أما أخرى..

لم يرضى لها الاذى من السكارى وهي تجلس أمام الحانة لتبيع السجائر والفول السوداني..

أخرج كل ما بجيبه وسلمها إياه راجيا منها الرحيل.. والعجوز كانت تراه فقط سكرانا لا يعي ما يفعل, ورفضت أستغلال سكرته..
وكلما رفضت أقسم بالله أنه يراها كوالدته وينزل ليقبل رجليها كي تقبل ما وهباها إياه..
في نفس الليلة وعلى سلم عمارتنا.. أجد إحدى جراتنا بلباس منزلي دون جلباب ولا مال تكاد تنهار من البكاء.. كان قد طردها زوجها العارف بالله, صاحب اللحية الطويلة والثوب القصير.. فقط لأنها تأخرت في جلب الخبز من الدكان المجاور.. دون أن يشفق عليها وهو يعرف جيدا أن عائلتها تقطن في مدينة أخرى!!


مفهوم الجنة والنار زاد تعقيدا وأنا أراقب تصرفات من حولي.. فهل تكفي الطاعة لتذخل بعضهم إلى الجنة بكل النميمة والحسد والتشهير والرغبة في تشويه الاخرين وسوء الظن الذي يملئ قلوب من تأدينا منهم قبل الاخرين.. وإذا لم يكن هذا فهناك حب الظهور والتعالي والغرور, الانانية, الجبن, عدم الوفاء بالوعود والعهود!! ربما لأن الكثير يراها أشياء صغيرة لا تكفي لتذخل النار!!

ربما.. في حالة واحدة إذا لم تصل تلك التصرفات الصغيرة لتصير خطايا كبيرة.. إذا لم تؤدي الاخرين وتدمر حياتهم!!


- 3 -

كنت أراقب الطاولات التي أمامي في مقهى..
كن نساء تذخن.. وغير بعيد منهن هناك رجل يذخن هو الاخر بصحبة امرأة.. كانا ينظران إلينا جميعا بإزدراء شديد.. ففي الللاوعي الجماعي تصنف كل أنثى تذخن كإمرأة سيئة الصمعة!!
تكرر تواجدنا في نفس المكان.. لم تختلف جلساتنا.. فهن كن يكتفين بالحديث عن كل شيء ويرحلن وأنا كنت أراقبهن لأستقي من حركاتهن شخصيات لقصصي القصيرة.. لكن صاحبنا كان في كل مرة يغير رفيقاته إلى أن أنتهى به الامر مرة بحضور أحداهن لتثير فضيحة لوجوده مع أخرى غيرها.. وكل واحدة منهن تؤكد أنها خطيبته!!
وتحت ضغط محاصرته بأسئلتهن.. صفع إحداهن ناعتا إياها بالعاهرة..
ما أسهل أن تخرج تلك الكلمة من فم الرجال وما أقصاها حين تتلقاها أحداهن.. شعرنا ساعتها أن تلك الاهانة عمتنا جميعا ولم تخص صاحبتها, فانتفضنا جميعا طالبين منه الرحيل من المكان لأنه لا يختلف عن الحيوانات في شيء..

صراخه ساعتها صار أعلى وأعلى وهو يردد :


- اذهبن إلى الجحيم يا عاهرات يا مدخنات..


بتلك الصاعقة التي نزلت على رأسي.. حاولت اخفاء توثري وأنا أتجول بنظري على وجوههن.. أحسست أنهن كن يقلنا نفس ما فكرت فيه..
"النزول إلى مستوى حشرة مثل هذا سقوط لا يشرف.. "


التفتنا إلى طاولا تنا في انتظار أن يتكفل به المشرفين.. لكن إحداهن لم يرضيها ما فعلناه..
قلبت طاولته برجلها وهي تجيب بنفس لهجته..


- الوحيدة العاهرة بينهن هي أنا .. أتعرف كيف وصلت إلى ما أنا عليه؟
لقد صدقت واحدا يشبهك .. أعيش ميته لأن سافلا مثلك غدر بي.. فأصبحت بلا دراسة ولا عائلة .. أعيش منبودة لأن أحدهم رأي في سداجتي عهرا.. أنت لا تتعدى كونك قوادا بشكل ما.. تغرر بضحاياك وتدفع بهن للرذيلة كسبيل وحيد للاستمرار والبقاء.. أرحل يا حثاله ولا تحاول العودة هنا مجددا.. لأني ساعتها لن أمنع رغبتي في قلع عيناك بيدي هاتين..


- 4 -
تلك الفتاة التي جاهرت بعهرها أصبحت صديقتي بعدها.. لم أرى في النساء أكثر منها أمانة وطيبة.. إنسانة خالية من أي دنس فكري.. لم أراها يوما تحسد أحدا أو تتحدث عن أحدهم بسوء.. طوال الوقت لا تكذب إلا على زبائنها!!


كانت كثلة من العطاء والذكاء الاجتماعي.. لم أحس مرة أنها انسانة ناقصة.. كانت تنصحني دائما أن لا ألمس مشروبي ثانية بعد تركه على طاولة.. كانت تعاتبني بعصبية حادة حين أعود لمشروبي بعد الذهاب إلى الحمام ..


عن طريقها تعرفت على زميلاتها.. كن لا يختلفن عنها كثرا إلا في قصصهم التي تجعلك تخجل من تلك النظرة الدونية التي تلصقها بإحداهن دون أن تعرف سبب وصولها إلى ذلك الطريق..
كن خائفات من الوصول إلى تلك السن التي تجبرهن على التحول إلى قوادات لاخريات.. فمعظم العاهرات يتحولن إلى قوادات بدون مبادئ ولا هدف سوى جلب أخريات إلى زبائنهن السابقين..
كل واحدة منهن كانت تتمنى عائلة كتلك التي سمعت حكايتها من طبيبة نسائية تعرفت عليها في نفس المقهى..
أن تكوني شريفة أو عاهرة هي فقط مسألة ضروف مهيئة!!


الفتاة كانت في سن 16 عندما حملت من أبن الجيران فاصطحبتها والدتها إلى عيادتها لأجراء عملية أجهاض دون مس لعذريتها.. لكنها رفضت لعدم وجود أمكانية لذلك .. بعد أربع سنوات قابلتها برفقة طفلة بم تتم الرابعة من عمرها وزوجها!! هنئتها على زواجها ظنا منها أنه نفس الرجل الذي حملت منه.. لكنها نفت في سخرية وهي تقول :

- ليس هو!!


فوالدتها بحثت عن طبيب متخصص في هذا النوع من العمليات والذي اكتفى بعملية قيصرية وتنظيف ما بذاخلها دون مس بكارتها.. معلقة أن الرجل لم يبحث عن سبب ذلك الجرح الظاهر أسفل بطنها عندما وجد غشاء بكارتها في مكانه!!


أما صديقتي فقد كانت قصتها مختلفة تماما..
كانت في سنها عندما ذهبت رفقة صديقاتها إلى مرقص نهاري وطلبت مشروبا غازيا.. بعد رجوعها من الحمام اتممت مشروبها لتجد نفسها في اليوم الموالي في شقة أحدهم بعد أن تم اغتصابها وحين رجعت إلى المنزل حكت ما حدث ولم تجد العائلة التي تركتها فبعد أن تناوب رجال عائلتها على ضربها وأهانتها ثم طردها إلى الخارج.. وهكذا وفي يوم وليلة صارت بدون عائلة ولا دراسة ولاشرف.. فريسة لكل للقوادات وزبائنهن..


- 5 -
ما سمعته من تلك الفتيات كانت زوداتي التي غادرت بها إلى بلد آخر..
لم أسمح لنفسي بأن أكون ضحية, بلا حول ولا قوة, في كل زاوية كان هناك من ينتظر سقوطي في كل طريق كنت اقابل قوادات في لباس الملائكة المهتمين لأمري ولديهن الحل لمشاكلي.. والحل دائما لدى رجل!!
تعلمت من حكاياتهن متى أقول لا ومتى أراوغ لانتظار الوقت المناسب.. للاختفاء أو إنهاء اللعبة.. فكل رجل له أساليبه وله ذكائه الخاص لحشري في زاوية ضيقية, وقوتي دائما في أن أكون بعيدة المنال..


((خدي ولا تعطي شيئا.. مهما أوهمك أنه قد نفد صبره فأنت الاقوى.. فلا يوجد رجل قوي أمام الرفض.. وكلما رفضتي كلما صار كالعجين في يديك بعدها.. لكن يجب أن تعرفي الوقت المناسب للاختفاء حتى لاتكوني فريسة لعنفه أو ردوده الانتقامية ))
كانت هذه قاعدة صديقتي العاهرة.. لكن حين أصبحت بدون عمل ومقيدة بالتزامات مادية ثقيلة وجدت نفسي محشورة تلقائيا في تلك الزاوية التي فررت منها في كل مرة وكثرت السكاكين الجاهزة من حولي وبدئ إرتباكي يظهر تدرجيا ومقاومتي تضعف.. حينها أحسست بشدة ما كانت تشعر به تلك الفتيات.. اسأل بكل قهري ربي وابث له شكواي وحزني..


- (هل تلك الفتيات يستحقين عذابك يا رحمن ؟ ربي لا حول ولا قوة لي إلا بك.. ابعد عني شر عبادك ما بعدت سمائك عن أرضك وقرب لي الصالحين من عبادك بقدر ما أنت قريب منهم.. ربي لا تفتني بامتحانك.. واسترني ولا تفضحني بين عبادك..)


واستجاب الله دعائي وبعد أيام وجدت عملا.. لم يكن ما انتظرته لكنه كان كافيا لأن يجعلني قوية.. كان عملا لدى نصراني..


مشغلي الجديد صارحني بحرجه لعملي لديه حين علم بمؤهلاتي ووجدت نفسي مجبرة أن احكي له دوافع قبولي للعمل لديه لهذا زادني وظيفية أخرى.. وهي تعليمه العربية والترجمة ..
وهكذا صار لي امتيازات إضافية.. وبيته صار مفتوحا لي طوال الوقت و كل ما ظهر له ضرورة وجودي كمترجمة فورية بجانبه كلما زادت أمتيازاتي, وأصبح سائقه تحت تصرفي.. زاد مرتبي وانتقلت للعيش في شقة أكبر وأكثر أمانا
في أحد الاحياء الراقية, وصار لدي جيران أحبهم ويحبونني والاهم صار لدي صديق يثق بي ويستأمنني على كل ما يخصه حتى سلاحه.. وأصبحت أول من يستشريه في كل شيء.


- 6 -
صديقي ذاك كان لديه سائق من الاحباش البسطاء في رؤيتهم لكل شيء فهو يكثر من الصلاة ويتكاسل عن عمله, فحين يستغل تلك السيارة في كل عمل مشبوه, ومع أنه كان كثير الاستغفار والدعوة إلى الصراط المستقيم إلا أنه دائما يثبت لنا خيانته للامانة بشكل ما والتي وصلت في اخر المطاف للتأمر وسرقة المنزل مع آخرين!!


كان في كل مكان يطربنا بأغاني عن حماس وفلسطين ويتحدث طوال الوقت عن الجنة والنار
مما دفع صديقي ذات يوم ليعلق عليه في خبث :

- أنت محظوظ بإسلامك لأنك ستجد 72 حورية في أنتظارك بعد الموت, ومنزلا كبيرا وسيارة كهذه وتلفاز بحجم الحائط كما تقول .. لكن إذا أستمريت على قيادتك لسيارتي هكذا .. فلن تحصل في كل تلك الحوريات إلا واحدة وسبعين.. وسأحتفظ أنا بواحدة لأننا لا نستطيع في ديانتي التركيز إلا على واحدة من النساء.. وهذا حق مشروع لي لأنك ستكون السبب في موتي بحادث خطير ولن أتنازل عن حقي حين تقف لتحاسب أمام الله!!


- سيدي يجب أن تكون مسلما حتى تذخل الجنة!


صمت صديقي المسيحي بعض الوقت وأجاب بخبث أكبر :
- لا يا أحمد! أنا لن أذخل الجنة كما قلت .. لأني أحبذ جهنم.. فكل النساء سيئات السمعة سيجتعن هناك وسأصاحبهن كلهن دون تكبد عناء مغازلتهن أو دفع رشوة مالية حتى يذخلن فراشي..


احتقن وجه السائق.. وتصلبت أذناه بشكل مفاجأ.. فاستدركت بلغة يجهلها سائقه حتى لا يحمل ما قاله هذا الاخير على أنه ديننا الذي نفخر به..


- سائقك له عذره, فهو يرى كل شيء ببساطته وينسى كثرا أن الدين المعالمة.. فحتى 72 حورية لن تكون من نصيبه إذا ظل حقودا حسودا للاخرين كما أراه.. فالايمان أن تحب لاخيك ما تحبه لنفسك ونحن جميعا نعبد ربا واحدا لكن نختلف في شريعتنا ومنهاجنا.


- هل هذا في دينكم حقا إذن لما تنعتونا بالكفار دائما؟!!


- يجب أن تسأل نفسك قبلا لما جاء الاسلام بعد المسيحية ولما جاءت المسيحية بعد اليهودية.. سائقك فعل نفس ما فعله اليهود قبل أن يبعث الله المسيح (ع) لينهيه.. فاليهود احتكروا الله والمغفرة والجنة لهم ونصبوا أنفسهم شعب الله المختار.


- لا أفهم ما مشكلتكم انتم المسلمين مع هذه التصورات عن الجنة والنار فهو كل مرة يحكي لي عن هذه الجنة وهذه النار وكأنها معزولة في عالم آخر .. يجب أن يفهم بعقله هذا أن الجنة والنار نعيشها في هذه الحياة فكل منا يختار طريقا يوصله إلى الجنة أو إلى النار.. كل الديانات تتكلم عن هذف سامي ومبادئ أخلاقية إلا دينكم فهو لا يتحدث إلا عن الجنة والنار هذه رؤية سطحية للدين!
.. قولي لي كيف يعاقبني الله على أني كنت محبا للناس وشاكرا له بمساعدتي لهم دون أن أنتظر أجرا لمجرد أني لم أقم الصلاة والصيام مثل المسلمين مع أني أفعله كما تعلمته في شريعتي.. لما تنفونا عني صفة الايمان وتلصقون بي صفة المدنس فقط لكوني لا أشبهكم وعيناي زرقواتان؟


- يا صديقي, لا حظ أن في ديانتكم أيضا من يتحدث مثله ويرانا مجرد وثنيين ومهرطقين فهل تعبث نفسك مرة لكي تعرف ما هو الاسلام بعيدا عن ما يقوله سائقك كل يوم؟


- لا أنوي تغيير ديني حتى أتعرف على الاسلام.. وهدف سائقي أن ارتد عن ديني لكنه ينتهج معي طريقة تشبه مشاهدة طفل للرسوم المتحركة!!


- لا أريدك أن ترتد عن دينك بل لتصححه بما جاءنا في القرآن.. الاسلام جاء ليصحح ثلاث أشياء في الديانة المسيحية.. وهي ألوهية النبي عيسى التثليت وبنوة السيد عيسى وسكوك الغفران.. على كل أرى أن المكان غير مناسب لكي نتكلم عن الاديان في هذه السيارة فسائقك مستعد ليدفع نصف عمره كي يرضي فضوله ويستوعب ما نقوله بلغه يجهلها.. مع أني شككت فيه من أول يوم أنه يتبع لجهة ما ومجند لنقل أخبارك.. أسئلته دائما خارج عن حددوه وتصرفاته مربكة ووقحة!!


- لا تتكلمي عنه هكذا .. سوء الظن معصية..


- هذه خطيئتي التي لا أستحي منها, لأنها دائما توصلني لبر الامان فاحذر منه كي لا تصلك أنيابه!!

.. قبل أن تذهب كعادتك لتبحث عن صدق ما قلته لك.. اعلم أن من شروط الاسلام أن نؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الاخر والجنة والنار .. أي أنني إذا نفيت عنك نصرانيتك سقط عني صفة الاسلام! هناك في سورة البقرة بالتحديد في الايات 62/ 111/ 112/ 113 دليل على أن الاسلام ينهى عن التكفير أو نزع صفة الايمان عن اليهود والنصارى والمسلمين والصابئة ووصف الله أمثال سائقك باللذين لا يعلمون تحب أن تسمع الاية والترجمة الفورية؟

- نعم.. أكتبيها لي..



- 7 -
مند تلك الليلة صديقي تحمس لسماع ما نعرفه عن الديانة المسيحية واليهودية بعيدا عن ما تتداوله المنتديات..
وبعد أن بحث لمدة سنة في ما جئت به وتأكد من صدقه في كتبه المقدسة.. صار يشاركنا صيامنا وأعيادنا وصار له مفهوم خاص عن الجنة ..
فلم يكن يجد حرجا في ان يطلب دعائي في صلاتي له, بل وحتى كان يذكرني بمواعيدها.. ويحترم مواقيت الاذان ويذبح كبشه في عيد الاضحى ويشاركنا الصيام قدر ما استطاع دون ان يتخلى عن شعائره المسيحية التي صار مرتبطا بها أكثر وصارت مسبحتي الفضية التي وهبتها إياه تلازم جيب سترته الذاخلي..


هكذا جعلنا الايمان أكثر قربا وصارت حوارتنا عن الدين تعادل نقاشاتنا عن السياسة والامن ولم يعد يراني مختلفة عنه واختفى ذلك الجدار الضخم بيني وبينه..
ما تعلمته منه كان أكثر مما تعلمه مني.. لقد كان يقاطعني في كل مرة ابدئ فيها بالتحدث بسوء عن الاخرين بعربية ركيكة
- لا! حرام..


لم يكن لينام دون أن يطمئن أن كل مستخدميه بخير ولا ينقصهم شيء.. لم يتأخر يوما في علاج أحدهم أو نسى أكرامية عيده
كان وفيا لاصدقائه ولوعوده دائما
لم يرد يوما إساءة بإساءة أخرى رغم قدرته على العقاب والرد العنيف..


- 8 -
ومرت الايام والشهور ومر كل منا بأزمات ومشاكل كبيرة.. كانت بمثابة امتحانات مصيرية لقناعاتنا ومدى قدرتنا على حماية من يهمنا أمرهم.. كل واحد منا كان جاهزا لمساندة الاخر بكل قواه..
وصرت معه ادرك ما الجنة وما النار فهو كان على حق..
الجنة والنار نعيشها أحياء.. وكل ما نفعله في هذه الحياة هو مجرد اختيارات إضافية للطريق الذي اختارناه مند البداية والذي ينتهي بالمكان الذي نستحقه.. ونختار معها من نريدهم في صحبتنا في العالم الاخر..


سألته يوما :

- لما لم تتركني يوما أسقط؟ .. فأنا لست من ديانتك.. لما حميتني من كل شيء وكأني جزء من عائلتك, وكدت أن تخسر بسببي عملك؟.. مع أن الكل تخلى عني الاصدقاء المزيفين الذين كانوا فقط للتجسس علي والحبيب الذي نكث وعده بإلغاء غرامتي وحمايتي ..المعارف اللذين أداروا وجوههم بعيدا عني..


قاطعني مبتسما:

- لأني أخترتك أن تكوني معي في الجنة التي حدثني عنها.. لأرى تلك الجنة بدونك.. وإذا تركتك ورائي لن يكون لي شرف صحبتك في العالم الاخر.. هناك أشخاص لديهم أشياء لا تشترى ولا تباع بالمال وأنت شيء لا يباع ولا يشترى.. يوهب من الله..

هناك أشخاص كل شيء لديهم يباع ويشترى, لذلك لن يكون لهم شرف امتلاكك لأنك نعمة من نعم الله يهبها لمن يشاء من عباده.. لا تباع ولا تشترى.. أريت كم أنا محظوظ بلقائك..


- لا ياصديقي.. أنا المحظوظة الكبيرة بمعرفتك.. لأنك نور أضاء لي ممرات كثيرة.. وجعلني في كل مرة أفخر بنفسي لأني من أعزاءه.. فليباركك الله ويهديك لطريقه المستقيم.. ويجعلك من العليين في الدنيا والاخرة.. يا أنبل من قابلت في حياتي..


- ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62

{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)} سورة البقرة
آمال عكيفي /صيف 2009


أهلا بك في بيتك

أهلا بك في بيت القصة.. يهمنا أن تشاركنا بقصتك القصيرة.. مهما كانت قصيرة.. فهي تعنينا.. بيت القصة هو مكان لكل القصص القصيرة كانت من مخيلتك أو من مداعبات الواقع.. راسلنا على هذا العنوان amal.akifi@gmail.com..
سنهتم بتقييمها ونشرها,
بشرط أن لا تحمل مساهمتك أي إساءة لفظية ضد شخص بعينه أو دين..