فاصل شحن


والشمس تستعد للرحيل بعد عمل يوم شاق من احد أيام شهر أغسطس الطويلة,وفى إحدى إشارات المرور ثقيلة الظل,وأصوات ضجيج السيارات تعزف لحنا غير متناغم التفتت إلىّ وقالت : أنا عايزة بس أفكرك إن فيه خيط رفيع أوى بين الحب والصداقة.

هو: متخافيش حنفضل نستعبط لحد منعديه.

هى : ساعات كتيرة بسال نفسى..أنت ليه مطلعتش شبه توم كروز.

هو: خلقة ربنا

هى : أو حتى براد بيت..أيه ساكت ليه؟

هو: يعنى أنا لو شابه واحد فيهم كًنت حابوصلك ليه؟!!

هى : أيه؟؟؟

هو : قصدى أن أكيد مافيش واحد فيهم حيحبك أدى.

هو : تفتكرى أيه أخرة حبنا.

هى : نتجوز.

هو : وبعدين؟

هى : نخلف.

هو : وبعدين ع السجن على طول..

هى : ليه بس النظرة السوداوية دى؟!!

هو : ماهو أنا لما ابقى خيالى الناس يقولولى إنزل عل الأرض,ولما أنزل ع الأرض الناس يقولولى بلاش سوداوية,اعمل ايه بس,افتح الشباب ولا اقفله؟
هى : هو إحنا مجانين؟

هو : لأ.

هى : طب الناس هما اللى مجانين و إحنا اللى عاقلين.

هو : برضوه لأ.

هى : أُمال أيه؟

هو : إحنا ناس طبيعين جداً بس كل مشكلتنا إننا مش عارفين نتكيف مع الحياه اللى عايزه اصلا مكيف..ممكن اسالك سؤال بايخ؟

هى :اسال.

هو : هو إحنا ليه بنحب بعض؟؟؟

هى : يعنى تقدر تقول إحتياج للحب وحبنا لبعض هو اللى بيشبع الأحتياج ده

هو : يعنى لو ماكانش عندنا إحتياج ما كناش حنحب بعض ؟طب مين فينا اللى بيحتاج للتانى..بقولك ايه غيرى الموضوع.

هى : ماشى,حاجة غريبة إحنا نعرف بعض بقالنا سنين ومع ذلك لما بنشوف بعض مابنتكلمش زى ما بنتكلم على الشات.

هو : الصراحة ما أعرفش السبب بس أوعدك لما أعرفه حابقى أكتبهولك.

هى :الا على فكرة,إنت ليه دايماً بتكتب عنى شِعر على الورق,ليه ماتقولهوليش باللسان أحسن.

هو : علشان إنتى بتبقى أجمل على الورق.

هى : طب خلى الورق ينفعك.

هو : رايحة فين؟

هى : هجيبلك رزمة ورق.

هو : اوعى تتاخرى.

فتحت باب السيارة ونزلت,وانفتحت الإشارة,وانطلقت السيارة,صرخت في السائق لينتظرها
فتعجب واقسم انه لم يوجد احد معنا في السيارة.

سينارست وائل مصباح عبد المحسن
0114005523 مصر 0101261829
waelmosbah@yahoo.com

كلبتي وفتوى التفريق !!



كلبتي !!

أصدقكم القول أني رأيتها في الايام الاولى أحد مشاكلي العظام وابتلاءا من الله.. أو بمعنى أصح, هذا ما ساعدني المؤمنون المجتهدون في الطاعة على إعتقاده واجتهدوا في ترسيخه بذاخلي كواجب ديني!! نعم تصورا معي هذا.. التخلص من كلبة والدي واجب ديني لأن الملائكة لا تذخل المنزل.. هكذا قالوا وهكذا بدون مقدمات أقتنعت!!


أعود للمنزل لأجد أخرى احتلت فراشي وغطائي وتزاحمني في كل شيء حتى الحمام !!

وضعت والدي أمام خيارين يا إما رحيلي عن المنزل أو رحيل تلك الكلبة التي احتلت مكاني وجعلت المنزل غير صالح للصلاة !!


وبالفعل اعتصمت في منزل شقيقي حتى يتخلصوا منها, وتخلصوا منها بوضعها رهن الضيافة لدى أحد أصدقاء والدي.. صار والدي المسكين يكابد عناء زيارة كلبته العزيزة يوميا بعد خروجه من مكتبه.. وأحيانا حين يصطدم بأحد أشياءها يحمله بانكسار وحزن على فراقها, وقد تفر دموعه كما حدث مرة..


وهنا كان لبد أن أتقبل وحتى بأن أبادر بعرض حل وسط, وهو أن يخصص لها مكان بعينه وعدم السماح لها بالتجول في المنزل الذي أعدت تنظيفه من كل أثارها حتى أستطيع القيام بصلاتي دون حرج!!


----------------------------- ---------------------------------------------------------- ---


وعادت "ليزا" إلى المنزل.. هزيلة, منهكة.. "ليزا" كلبتنا أضربت عن الطعام واعتصمت بالقرب من الباب تنتظر فقط زيارات والدي.. وحين يرحل كانت لا تتوقف عن العواء والبكاء طوال الليل, وهناك لا تجد إلا أحد صنادل صديق والدي لتجيبها, وهذه الاهانات زادت من عزلتها الاختيارية إلى أن أكتئبت ومرضت !!


استعادت عافيتها بالتدريج, وبعد ايام عادت لحالتها الطبيعية نسبيا, وزاد حصاري أكثر, فهي لها الحق في كل المنزل وأنا محجوزة في صالة الضيوف حتى لا أصطدم بمكان جلست عليه وتفسد طهارة ملابسي !!


لم أعد أرى الهواء الذي أتنفسه في المنزل نظيفا وأصبحت أقرف من الدخول إلى منزلنا !!


بإختصار تحولت إلى متطرفة بامتياز !!


في المقابل.. هي.. كانت تنتظر استيقاظي أمام الصالة التي صارت مكان نومي حتى لأفاجأ بها تحث غطائي ليلا..

حين اتأخر في النوم تبدئ بالانين كطفل يحادث أمه, تتوسلني أن أخرج من الصالة لأعد لها وجبة الافطار!!


------------------------------- --------------------------------------------------- --------

للآن لا أدري كيف كانت تدرك أني فتحت عيناي, فقط كنت أسمع قفزتها السريعة في الغرفة المقابلة من مكاني وفي لمح البصر أجدها ترقص بذيلها بخفة تترجاني النهوض..!!


فبالصدفة كانت ميولنا في الاكل واحدة, فلا يحلوا لها إفطار إلا بشرائح زبدة سائحة مع المربى على قطعة خبز ساخن.. أو جبن قشدي أو زبادي جبني, تعشق الكبدة ولا تأكل شيئا دون توابل أو غير متقن الاعداد !!

تعشق الفواكه, خصوصا الجافة, ويطير عقلها بأكل المكسرات !!

تأكل السمك, ولا تنتظر أمام رائحة طبق الكسكس المغربي, بإختصار فنانة في إختيار أطباقها, والمصيبة أنها تكره رائحة أكل الكلاب !!


وتستمتع بالجلوس على مكان نظيف.. وتحب رائحة المنظفات !!



ما أدهشني فيها أكثر أنها كانت تستوعب جيدا ما أريده منها, فحتى في غيابي لا تدخل إلى المكان الذي تفرد فيه سجادة الصلاة, وحين تقضي حاجاتها في الحمام توقظني كي أنظفه وكأنها تعتذر مما فعلته, و تبتعد تماما عن مداري حين أتمم وضوئي, والوحيدة في المنزل التي لا تعبث بأشيائها.. بل وحتى تخبرني بطريقتها أن هناك من عبث بها في غيابي !!


وهكذا شيئا فشيئا صرت أعمل مجهودا على إستيعاب ما تريده, كما فعلت هي كي ترضيني, وأصبحت اكافأها بجولة مسائية وقرطاس فول سوداني, وجعلت منها زبونة دائمة لدى جارنا صاحب دكان الشواء..


كنت أختفي لأيام بسبب سفر قصير, كانت لا تفارق مسّاحة الأحذية حيث يصير مكانها الذي لا تتحرك منه, وأحيانا تتوقف عن الاكل إلى أن أعود.. كانت تحس عودتي قبل دخولي إلى الحي, وتعلم بصعودي سلم العمارة فتسترسل بنباح ليفتحوا الباب , وترتمي علي وهي ترتعش من الفرحة, وكنت أجيبها ممازحة : أحكي لي "لوزتي" كل ما حدث في غيابي..

الغريب أن وجوه البعض تتغير وكأنهم ينتظروا منها أن تخبرني بما شهدت عليه !!
---------------------------- --------------------------------------------------------------


علاقتي الجديدة بالكلبة التي صارت كلبتي, لم تعجب الكثيرين من أقاربنا وأصدقائنا الذين كانوا يعولون علي كي أتخلص منها, باعتبارها حيوانا يحرم دخول الملائكة إلى المنزل..


وبصراحة رغم أنهم فعلوا كل ما بوسعهم لأقناعي أن هذا ما قاله الشرع.. إلا أنهم فشلوا في ذلك.. لأني مع الحصار النفسي الذي عشته من إمكانية فساد وضوئي بوجودها, بحثت عن الاسناد الشريعي لذلك..

لم أجد سوى الحديث الذي يقول أنه لا يجوز الوضوء بالماء الذي شرب منه الكلب..

غير ذلك لم أجد شيئا يحرم وجود الكلاب في المنزل, بل ووجدت أن المكانين الوحيدين الذي لا تدخله الملائكة هو الحمام وغرفة زوجين فوق سرير المعاشرة.. وذلك عن إستحياء..


--------------------------- ---------------------------------- -------- ------------------
ظننت الموضوع أنتهى إلى هنا, لكني كنت مخطئة, فحين اقترب والدي من سن التقاعد, تذكر المساجد بحمد الله وصار يجتهد للإستدراك ما فاته..

.. وصار أيضا البوابة الجديدة للتحريض ضد "لوزتي"!!

فهناك من افتى عليه قتلها بتسميمها, كما أفتوني بذلك من قبله.. ورفضنا أن نكون قتله ونغدر حتى لو كان المستهدف بالغدر"كلبة" !!

..وهناك من أفتى عليه أن يتبرع بها لأحد يحب الكلاب هكذا يجد راحة نفسية من خشيته أن يرمي بها إلى تهلكه كما حدث سابقا واضربت عن الطعام!!

لكن أغرب الفتاوي هي تلك التي تقول أن الكلبة سحرتنا بل و أكدت أن كلبة بذكائها لا يمكن أن تكون إلا جنية في هيئة كلب!!

وبالفعل فكلبتنا فتحت عيناها على عائلة أحتضنتها كفرد منها, لذلك نسيت أن تتصرف كالكلاب لدرجة أنها أصرت مرة على تبني قطة حديثة الولادة!! نعم.. الصورة أعلاه هي بالفعل للوزة وقطتها المتبناه!!

وأقنعناها بصعوبة للتخلي عنها وإعادتها لوالدتها !!



--------------------------------- ---------------------------- --------------------
خالي العزيز جاء لزيارتنا وأستفرد بوالدي ليقنعه بالتخلص من تلك الكلبة اللعينة, بعد نصف يوم نجح فيما فشل فيه الكثيرون و أقتنع والدي!!

ولللاشارة فقط أن خالي لم يتعدى مستوى القسم الخامس أبتدائي وتاجر فاشل ومع هذا كان صاحب منطق وأستطاع أن يقنع والدي المثقف ورئيس مصلحة بدائرة للأمن !!


لايجوز شرعا وجود كلبة ببيتنا!!

وجدت نفسي أتحدى خالي أن يأتيني بسند شرعي على ما يقوله, وحينها سأخرجها بنفسي إلى الشارع..
وبعد ذهاب الاثنين لصلاة الجماعة عاد إلى بفتوى من إمام الجامع , يفتي فيها تقريق الكلبة عن العائلة !!


فتوى لأجل كلبة!! لم أسخر من والدي وخالي المعروف بعناده الشديد.. فأنا الأخرى كنت واحدة تشبههم, لكن علمتني تلك المخلوقة التي يتعدى وزنها ثلاثة كلغ, ولا يتجاوز طولها نصف متر دروسا في الرحمة و الوفاء والعطاء, والحنان, والانتماء, وحتى دروسا في تقبل الاخرين وكيفية تقريبهم إلي..
التزمت الصمت حتى غادر خالي العزيز لكي أستفرد بوالدي بدوري وأقنعه بتبني فكري !!


لم أحاول أن أناقشه في الفتوى, أعددت "للوزتي" ماءً ساخنا لحمامها.. كي نستعد للذهاب للبيطري, لتأخذ جرعة اللقاح السنوية وربما نجد هناك عريسا للوزة, (ففي عرف الكلاب يذهب أهل الكلبة لخطبة الكلب.. حتى يحافظوا على نقاء سلالة جراءها, فكلبتنا كلبة عائلة) !!


وجدت والدي وقد ارتسمت تعابير مريحة على وجهه, وكأنه كان يعول علي في الرفض.. فهي فرد من العائلة الآن, لم تعرف مكانا إلا هنا, فوجدت نفسي أقول له ممازحة :

-أبنتك التي تعرفك عن ظهر قلب! أنت لا تريدها أن ترحل.. جرب فقط أن تخرج بها وتتركها وتذهب !!

هي لا تبتعد عن باب المنزل دون أن تتأكد أن خطواتنا تتبعها..

قل لي فقط.. كيف يمكن أن يكون تديننا مرتبطا بخيانة لمشاعر كيان أحبنا بصدق وارتبط بنا؟

.. لقد فتشت في كل ما هو شرع عن شيء يدخلنا جهنم لو شاركناها السكن, لم أجد ! لكن في المقابل وجدت الكثيرين ممن دخلوا الجنة بكل ذنوبهم لأنهم سقوا أو أطعموا كلب.. الرحمة شيء نكافئ عنه لا نعاقب عليه, وهذه فتوى أتحمل مسؤوليتها عنك ليوم القيامة: "الرحمة شيء نكافئ عنه ولا نعاقب عليه"..

آمال عكيفي / 27 ماي 2009

أبيض وأسود


انطفأت الشموع..
تحجرت الدموع..
تحول البياض إلى سواد
لبست العروس ثوب الحداد
تبخرت الأفراح.. أصبحت.. سراب
العريس لم يأت بلا أسباب

حاولت جاهده أن تلملم ما بقى من حياءها تتغاضى عن النظرات .. تحدث نفسها
ماذا فعلت؟..ماذا جنيت؟.. لماذا تحول الفرح إلى جرح؟
ألف لماذا ولماذا.. أين ذهب هذا.

النظرات شاردة .. الأنفاس متلاحقة.. الخطوات تائهة
رهيب..أن يتحكم غيرك فيك.. يرفعك لأعلى.. ويرميك
بكت.. بدون دموع.. آبت.. بلا خضوع
أقسمت على الانتحار.. بعد أن عرفت.. ما هو المرار.


سينارست وائل مصباح عبد المحسن
0114005523 مصر 0101261829
waelmosbah@yahoo.com

حكاية لما قبل النوم

في العهد العباسي عرف المعتزلة كفرقة قوية في علم الكلام وأيضا كمشاغبين سياسيين, لكن رغم ذلك لم يحاصرهم أغلب الخلفاء العباسيين بل على العكس من ذلك.. أخرجوا معظمهم من السجون وصنعوا منهم جدارا فكري-دفعي, ووجهوا تركيزهم إلى الاعتداءات الفكرية الخارجي التي كانت في معظمها جماعات ممن ادعوا الإسلام و أطلقوا أسئلة تشكيكية عن الذات الإلهية والوجود وصارت تلك المناظرات إلهاما للفلاسفة والمفكرين والعلماء, وكانت في بعضها نواة لعلوم جديدة.. كما أن تلك الحرية الفكرية أوجدت انفتاحا سياسيا بما يعرف في زماننا بالتعددية الحزبي, فشكل تنوع الفرق الكلامية نوعا من الحماية الداخلية ضد التفكير المتطرف.
وصراحة لم أدرك المعنى الصحيح لكلمة تطرف إلا حين وفقت على سور دمشق القديمة وقال احدهم بجانبي ؟ هنا .. على هذا السور علق إبن المقفع صاحب كليلة ودمنة.. على هذا السور مات.
التطرف هو رفض للحوار و الأخر معا, التطرف هو عجز عن الإقناع لانعدام الحجة والبرهان, فلا تكون قوته إلا في فرض منهجه بالتعسف الفكري أو العنف.. لكن قصص أبن المقفع التي حملت بداخلها رسائل سياسية مبسطة استطاعت من خلال بساطتها أن تصل إلى العامة كانت أقوى
من أي تطرف..
لم تحبس جثة ابن المقفع أفكاره ولا كلماته بل تعدت الأسوار وطارت إلى كل مكان وترجمت إلى كل اللغات..
لا أحد ينكر أن أمتنا قامت على الكلمة والحجة والبرهان أو بمعنى أخر على اليقين والحوار للوصول إلى إقناع الآخر. لم تقم يوما بحد السيف كما قال بعضهم ويردد ذلك آخرون وإن كانت الفتوحات بالسيف فهي لم تكن إلا وسيلة أخيرة لفتح المدن المغلقة حتى يبدأ الحوار. وبهذا قامت أحد أهم الحضارات التي تعدت نظائرها في كل المجالات.. وكانت أول من أوجد المسائل وأجابت عنها..
(وجادلهم بالتي هي أحسن ) صدق الله العظيم

حكاية لما قبل النوم

كان يا مكان في قديم الزمان, كان هناك غابة كبيرة يعيش بها أسود كثير وكان بينهم أسد عجوز سيء المعشر خبيث الطباع, في يوم أراد أن يسود عليهم ويكون البطل فاجتمعوا عليه وضربوه وطردوه وعلمه بعضهم ما يكون الأدب.. فظل يسير أياما وليال إلى أن وصل إلى غابة خضراء يعيش بها بعض الضعفاء في سعادة ورخاء, فسأل واستعلم: أ لهذه الروضة من ولي؟
فأجابوه : بحمد الله لها ثلاثة ومن عاث في هذه الأرض فسادا فلن يكون إلا غبيا أو شقي !
فقال : قربوني من سادتكم فأنا في أمور السياسة والحكم عالم جلي,
فضيفوه وأكرموه وبعد ذلك إلى سادتهم صحبوه, فوجد نفسه أمام ثلاثة ثيران !
فقلل من شأنهم وقال : هذا يوم سعدي وأنا أمامكم الغالب..
فماكان إلا أن أحاطوا به فكان أول منسحب هارب !!
فحاول وحاول وفي كل مرة ينسحب . وهو جريح أخذ يفكر ويدّبر كيف يقبل معهم ولا يدبر, وهم لهم قرون وبأصول الرد والنطح عارفون, ففطن إلى أن قوتهم في كونهم أمام المعتدي متحدون وبالحب والتفاهم مجتمعون, ولو كانوا في ألوانهم مختلفون.. فكان أجملهم أبيض وأطيبهم أحمر وأرعنهم أسود..

- ماما غيري ألوانهم هذه المرة, اجعليهم هذه المرة بالأصفر والأخضر والأزرق !
- حبيبي ! لهذه الألوان معنى فعندما كتب ابن المقفع هذه القصة كان يرمز بالثيران إلى راية هند ابنة الملك النعمان ابن المنذر, جاءوا من اليمن وحكموا في العراق..
هند جمعت القبائل العربية تحت راية تحمل الألوان الأربعة لراياتهم وهي الأحمر والأبيض والأسود والأخضر استطاعت بهم ومعهم أن تنتقم من ملك شرير أهان والدها وقتله.. أسمه كسرى..
- وماذا فعلوا بعد ذلك؟
- تفرقوا من جديد وعادوا اجتمعوا ثم تفرقوا واجتمعوا إلى أن تفرقوا وتفرقوا وظن الكثير أنهم أخيرا اجتمعوا.. ثم تفرقوا !!
- أكملي يا ماما ! ماذا فعل الأسد بعد ذلك؟
- راح يراقب فيهم ويراقب.. إلى أن علم من منهم للفرقة طالب. كان الثور الأسود في الغالب عنهم يبتعد, والغيرة في عينيه لا تكذب !!
فقد كان الثور الأبيض والأحمر متفاهمان ولأسرارهما يقتسمان, وحين يحضر الثور الأسود يصمتان..
فالكل يعلم أن الثور الأسود هدَار وثرثار وليس بحافظ للأسرار !!
فانتظر الأسد إلى أن ابتعد الأسود وغاب عن الأنظار, فاتجه إليه وسلم وقال:
- يا صديق أراك في حزن وضيق !
- إليك عني وفارق, فما أنا مع مثلك يا ذا الأنياب بما في صدري ناطق !!
-أحزنني ما أحزنك ياصح, علمت أنك يا مسكين مظلوم !
ومن الكسرة التي في عيناك أدركت أنك ثور مهموم.. فانهض وسلم أمرك لي, أعلو لك وتعلو بي فأكون أنا الملك وأنت لي وزير !
فمن ساعتها لا يطلب صحبتك وجوارك وأنت مدبر ملكي وحافظ أمري؟ !!
فما افترقا إلا وهما على الغدر متفقان, وعلى الوفاء لبعضهما يقسمان فما كان من أمرهما إلا انتظروا الثور الأبيض عن صاحبه وقد ابتعد.. فاستطاعوا بالحيلة أن يستدرجوه, فأجهزوا عليه.. وذبحوه !
فقدم الثور الأسود على الأحمر فوجده على صاحبه الذي لم يرجع قلقا, مهموم.. فاقترب منه وقال:

-لا تقلق ياصح ! فما يلبث أن يرجع, فأنت تعرف أنه ثور محبوب ولعل أحدهم لوليمة دعاه, فما هو بصغير حتى تقلق وهكذا تصير !
وفي الصباح رفعت رايات الحداد, وتعالت الأصوات بالبكاء والنواح تطاير الوبر بندبهم في كل اتجاه.. وجدوا ثورهم مذبوح, وبقرون الغدر صار دمه مسفوح.. فما كان من الثور الأسود إلا ان لبس ثوب الحزين وتقدم الجنازة كالمسكين وهو يخور وينوح:

- قتلوك يا حبيبي قتلوك ! وبالغدر أخذوك, فما أنا عن لبس السواد بمنتهي حتى أخذ بثأرك.. أو أرافقك إلى قبرك !

مر يوم واثنان والثور الأحمر تائه حيران فمن في الغابة كلها له قرون إلا هو.. وصاحبه !
فماذا حصل في الدنيا حتى يبيع الثور أخاه, فيخون ويقتل, و يتآمر ويغدر. لكنه كان يتراجع عما شك فيه وفكر كلما جاءه صاحبه وحالته من الحزن تتدهور فهو مند أيام لا يأكل أمامه ولا يشرب كل الليل في المرحوم يرثي وباسمه ينوح في الغابة. يبكي يستبكي.. فرثى لحاله الخلق وحوله اجتمعوا, فصار بوفائه لذكرى صديقه رمزا وزعيم فكان لا يعقد أمر إلا وهو أول حاضر, ولا يحتكموا لشيء إلا كان مطاعا أمر.
وفي يوم كان مع صاحبه الأحمر جالسان, فإذا بالأسد قد حضر.. وهو في مشيته يتبختر. وفي عينيه عزم وبعض شماته فسلم عليهما وقال:
- بلغني أن صاحبكما قد مات, فجئت معزيا.. أحسن الله عوضكما فيه.
أجابه الأحمر وقد قرأ قي عينيه ما قرأ :
- عظم الله أجرك.. وبالفرحة لا تعجل, فإن ذهب واحد بقي اثنان !
- بل بقي واحد .. أنت ياصاح !! ونحن أمامك اثنان, ولن تجد عندي وصاحبي إلا الموت !!
فاجتمع الاثنان على الثور المسكين وهو يخور وبالخلق يستنجد ويستغيث, لكنهم لم يصلوا إلا وجسده قد مزق وفي كل جهة فرّق, فما تبينوا الدم من اللحم, فستنكر الخلق ما حل بالمسكين فاجتمعوا على ثورهم في حرقة يسألوه:
- ما ألفنا الدم في أرضنا يا أسود, وما أنت أمام ما نراه ببريء !
فقرناك بالدم تقطران وما هذا التمزيق بفعلة ثيران..
- بل فعلتي يا قوم, واشهدوا على فأنا لفعلتي لا أنكر فانتم علمتم أني وعدت ووعدي بمشيئة الله كان مفعول.. هذا الذي سفكت دمه سبقني وسفك دم صاحبي.. فهل تستنكرون علي فعلتي وقد عاهدتموني على ثأري؟ !!

وصدقوه.. وبما أتى عظموه وعلى الطاعة بايعوه.. فقدم على الأسد ليعلمه بما كان منه وما صار. وراح يذكره بقسمه بوعده وعهده.. وأنهما على الأمر اثنان ! فضحك الأسد وقال:
- على الغدر يجتمع اثنان.. لا على السلطان !! وهو لا يكون إلا لواحد.. الأقوى ! فما ترى؟
- لن تسود إلا بي.. فالبيعة لي ! والخلق يأتمرون بأمري !
- أحمق !! من قال إني أريج بيعتهم ورضاهم؟ !! فقد صار الأمر لي وعليه الآن أحد لن ينازعني !!!! ولا أخفي عليك أني مند رأيتك اشتهت نفسي لحمك, والآن فقط سأهنئ بتمزيقك كما أريد وأكللك !!
وليكن لك شرف ذلك.. ستكون أول ما أفترسه على هذه الأرض التي صارت وما عليها ملكي وبأمري !!

- لكن كيف تفعل هذا بي وأنا من باعك حبيبا وصديق.. وصار لك تابعا وحليف؟!! وإن كان السلطان لك الآن فأنت بحاجة مخلص مثلي يكون لك تابعا وخادم, فانظر في أمري بالعفو فأنا برحمتك طامع..
- من باع أخاه باع غيره !! وما أنا بحاجة خادم غدّار , طامع.. وما كنت عندي إلا وسيلة لكي أسود وأفرق.. وقد سدت وانتهى الأمر !!
فانتفض عليه وانتهى معه زمن الثيران, فصارت الأرض غير الأرض, وانقضى
زمن الأمين الأمان, وصار كل طريد فاسد يحط رحاله فيها ويقدم للأسد الطاعة والولاء..

- حبيبي.. نمت ! نوما هنيئا.. وأحلاما سعيدة..

وضعت الكتاب جانبا, وهي تحاول أن تفهم لما يصر صغيرها الذي لم يتجاوز السابعة من عمره على أن يسمع نفس الحكاية مند ثلاثة سنوات, فلا أحد يعلم بالتحديد ما يفكر به الصغار, فحين نكبر ننسى كل حكايات الجدات ولا نتذكر لما كنا نسمعها بفرحة ونطلب سماع نفس الحكايات كل مرة !!
من المجموعة القصصية حكاية لما قبل النوم 2006 - (آمال عكيفي)

سجن بلا أسوار

خرجت هربا من هذه المرأة التي ادعوها زوجتي, بعد أن أسدل الليل ثيابه شديدة السواد على الأفق, أوائل شهر أغسطس موسم التزواج عندنا معشر المصريين, أجوب الشوارع بسيارتي بلا هدف, لا اسمع سوى صوت ضجيج الأفراح, فهل المدينة كلها تتزوج؟ربما.
لم أجد غير شاطئ النيل المظلم ملجأ لي,
جلست في السيارة استنشق العبير الرطب, واستمتع برائعة فيروز سكن الليل,
يظللني ضوء القمر الشفاف والذي كشف عن شبح يتقدم تجاهي في هدوء,
يا له من قوام متناسق كامل الاستدارة والاستقامة,
اقتربت من نافذة باب السيارة المجاور لي,
ونفخت دخان سيجارتها في وجهي, كشرت عن انيابى,يا لها من عاهرة حقيرة.

قبل أن أخطو خطوة واحدة وجدتها تحتل الكرسي المجاور لي,
فبدأت كغادة في ريعان العمر, يلتصق بها ثوب قصير تأمر مع جوربها الحالك ليخفيا في تعمد, جسد لا يقاوم,
ألقت تحية المساء بلغة فرنسية ركيكة,لم أبالى بالرد عليها, ظلت تتحدث بالعربية المختلطة بالفرنسية إلى أن أيقنت إنها مريضة بالدياجلوسيا أي مرض الازدواج اللغوي,
هممت بإلقائها خارج السيارة, ولكن نفسي لم تطاوعنى, لماذا؟ لا اعرف

أخيرا طلبت منى توصيلها إلى حيث تسكن,
لم أمانع بعد أن فتحت لي شفتيها متوسلة في مجون.
ها قد وصلنا,
دفعتني بلطف إلى منزلها لتعبر لي عن شكرها, ترددت لحظات, ثم تقدمت بحذر بعد أن أيقنت إنها كالثعابين لا تهاجم إلا حين تشعر بالخطر,لذا فلن تهاجمني أبدا.
جلست امامى, تخلصت من جوربها فكشفت عن ساقيها الخمريتين وأظافرها القانية, استلقت على الفوتيه في تدلل وأخذت تعبث في شعرها الكستنائى,
عينيي تحاول أن تشبع من هذا السحر الانثوى, فتاة رائعة الجمال تصلح كفيلم فيديو لليلة واحدة, ولكنها لا تصلح لرحلة عمر, بعد أن فقدت خصوصيتها,
قطاع عام, وضحكت بشدة عندما تذكرت الاتجاه الاقتصادي السائد الآن وهو الخصخصة.

ابتسمت في عذوبة قائلة:
لا يهمني أن اعرف ما يضحكك, ولكن ما يمهنى أن اعرف رأيك في منزلي المتواضع؟

تلفت حولي فلم اعرف لها مزاج,
تحف بجوار زجاجات خمر,
لوح نادرة متراصة بين لوح خليعة تزين معظم الحوائط,
قرأت الحيرة على خطوط وجهي,
فلمعت مقلتيها صائحة:
آمن بالفوضوية, فباكونين هو مثلي الأعلى, قائد الثورة على كل شئ وأي شئ,
هدم كامل لجميع الأشياء والمعاني.

ألجمني منطقها فهل فقدت عقلها؟هكذا سالت نفسي,
بدون مقدمات سألتها: ما اسمك؟

ردت في تمهل: مؤهلات.

قلت ساخرا: عليا ولا متوسطة؟

فاحتدت قبل أن تجيب: هذا أسمى, وعلى فكرة أنا حاصلة على ليسانس آداب.

فهمهمت بخبث قبل أن أقول: آداب!

لم تبالي باستهزائي, خطت نحو زر الكهرباء وقللت الإضاءة متعللة بان الضوء الهادئ يريح الأعصاب, دنت منى جلست بجواري,سندت رأسها إلى صدري, تلاعبت بأزرار قميصي, رفعت رأسها واقتربت بشفتيها من أذني وهمست برقة بالغة:
ما رأيك في بنات حواء؟

قلت في هدوء مصطنع:
كلهن رابعة العدوية,أما في النصف الأول من حياتها,أو في النصف الثاني منها.
ضحكت من ردي والذي يبدو إنها لم تتوقعه, خصوصا في هذا الوضع شديد الرومانسية, اعتدلت في جلستها, ونظرت إلى بعيون ثاقبة قبل أن تقول:
الجنس في بؤرة الاهتمام بالنسبة للرجل والمرأة على السواء, فلماذا تشير أصابع الاتهام دائما إلينا؟
تزعمون إن حواء صاحبة الجريمة الأولى في التاريخ, رغم أن الله يقول في كتابه الحكيم"فوسوس لهما", أي أن المسئولية مشتركة.

نظرت إليها بذهول, ولكنها استطردت:
تستنكرون أن يقترن التاريخ بجلاله وسير عظماءه بالجنس وانحطاطه, رغم أن هذا التاريخ قد كُتب معظمه في غرف النوم وبخليط من أقلام الكحل والروج.

ما هذا الهراء؟ كيف تفكر تلك المرأة التي تمتهن أقدم وأقذر مهنة في التاريخ؟ أهذه المومس الفاضلة كما وصفها سارتر؟
أسالك سؤال؟هكذا قالت.
إسالى.
لماذا لم يمارس ادم الحب إلا مع امرأة واحدة؟
ولم تترك لي حتى فرصة للرد,فأشارت بطرف عينيها والتي تشع منها نظرات جنسية مستفزة قبل أن تقول:
لعدم وجود غيرها.
ابتعدت عنها قليلا لأتحاشى مرمى نظراتها العنقودية,ثم سألتها في حدة:
ماذا عن الرجال في حياتك؟
اعتدلت في جلستها, أشعلت سيجارة, زفرت آهة حسرة واستنشقت آهة مرارة, قبل أن تجيب:
الرجال في حياتي, كلاغانى على شريط كاست, ليس له أهمية إلا بهن, ولا يضر أن تم حذف بعضهن, ولكن تظل واحدة فقط هي الأهم.
تقمصت شخصية سباتاكوس محرر العبيد, وقررت أن أحررها من الرق فصحت:
من كان الأهم؟
بدا وحل الماضي يظهر على قسمات وجهها قبل أن تجيب بمرارة:
كنت افعل معه نفس الشئ, جعلني افعله مع غيره مقابل اجر يحصل هو عليه.
صمتت فاحترمت صمتها, برهة قصيرة وقالت:
الرجال عندي بلا ملامح ولا رتوش, واضحين الغرض بلا تزيف للعبارات, أتحرك معهم كآلة تؤدى عملها بإتقان, في سجن بلا أسوار.
فجأة التصقت بي, بعد أن نفضت عنها غبار الذكريات, تكاد ذراعيها تحطم ضلوعي, يبدو إنها بلغت أقصى درجات العشق الشره, وعندما وصلت تصرفاتها إلى حد معين,وجدتني لا شعوريا أتلو كل ما أتذكره من آيات الذكر الحكيم.
دفعتها عنى, تشبثت بي, دفعتها ثانيتا,
سقطت على الأرض, ظهرت كل مفاتنها بوضوح, ابتسمت وهزت كتفيها فلقد راق لها ما فعلت,
وقفت وسرت بأقدام مرتعشة نحو باب المنزل, فتحته,
وبمجرد أن تجاوزته أسلمت ساقي للريح ولم أتوقف عن الجري,
لم أبالى حتى بسيارتي,
إلى أن وصلت للباب الذي لا يغلق في وجه احد وطرقته,
رغم انه لم يكن مغلقا,
فلا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار.


سينارست وائل مصباح عبد المحسن
0114005523 مصر 0101261829

waelmosbah@yahoo.com

أنثى من ثلج

أهدى هذه القصة لامرأة بدهاء"كليوباترة" وعفة "رابعة" وصمود "جميلة"وغموض "الموناليزا" لامرأة لم تولد بعد
وائل مصباح

الزمان ما بين خطوط الطول .. المكان ما بين خطوط العرض .. جاءت بخطوات واثقة مرتدية بلوزة زرقاء وجيب كروهات طويل تسبقها رائحة ماكياج وعطر رخيص .. اختلطت حرارة الأيدي كما تمتزج السماء بماء البحر.. اختلاط كاذب.. بعد أن قرأت رسالة صامتة من يدها المزينة بالدبلة الذهبية.. فهل اتمنى لها السعادة ..؟
جلست أمامي في هدوء واضعة ساقا فوق الأخرى .. لم أتمالك نفسي وأطلقت قذائف مقلتي نحوها لتشتعل المعركة بين الذي أعرفه والذي أريده ..
ورغم ذلك أجبرت شفتي على نطق تلك الكلمة اللعينة :
مبروك .
خرج صوتها في حياء يتوارى خلف وجهها الشمعي :
هل يمكن أن اعتبرك صديق ..؟
فصحت باستغراب : صديق ! .. هل يمكن أن أتحول بسهولة من حبيب الأمس إلى صديق اليوم ؟
أنه اغتيال الحب .. خيانة .
قلتها ضاربا المنضدة التي كنا نجلس عليها بيدي .. لم يهتز لها رمش فاستطردت قائلا في يأس : ما أصعب تقبل الخيانة وخاصة من التي كنت أعدها زوجة الغد .
ارتشفت بعض قطرات العصير الذي وضعه أمامها الجرسون قبل أن تقول :
دعنا نناقش الأمر بهدوء وعقلانية .. أنت تعرف كيف أحببت ولكن لا تعرف لماذا تزوجت،فعلاقة الزواج بالحب والحب بالزواج كذهاب شخصين إلى مكان واحد, احدهما سلك طريق ممهد والأخر سلك طريق وعر ، فضرب أفضى إلى موت .. قتل خطأ .. كذاك حب أفضى إلى زواج .. زواج خطأ .. بالبلدي الحب أعمى .

انفجرت كالبخار عندما يغلي الماء فيزيح الغطاء صائحا بتعجب :
الحب أعمى ! بالعكس .. وحتى لو كان الحب أعمى فهو يضئ الحياة ..وأعتقد إنه لا يوجد حب أعمى إلا حب الأم لأولادها وأي حب أخر ستة على ستة .
فنظرت إلي باستخفاف قائلة :
الحب موجود بالطبع ولكن في أفلام الخيال العلمي .. موجود كالآثار الفرعونية..الرومانسية يا عزيزي انهارت.. كالشيوعية ..أصبحت موضة قديمة .. فبدلا من أن تحاول مسك القمر لها .. خذها إلى أقرب جواهرجي .. هذا أفضل بالطبع .
ابتسمت بمرارة قبل أن أقول :
حتى لو كانت ساعة يد ك من الألماظ ، فسوف تبقى الساعة ستين دقيقة .
همت بالوقوف بعد أن نفذ مخزون المناورة وأصبح السحب على المكشوف
وصاحت :
أن تعرف مشكلتك هذا نصف الحل .. والحل الوحيد هو أن نصبح صديقين.
وقفت,أمسكت يدها بقوة فأرغمتها على الجلوس مرة أخرى قائلا:
الصداقة طائر الحب الذي فقد أجنحته .. فقدها غدر .
نظرت إلى يدها التي مازالت بين قبضتي ثم نظرت إلي قائلة في تحدي :
لابد أن تفكر بقلبك وعقلك معا .. أيهما بمفرده لا يصلح .. فالحب طفل لقيط لا يعرف له أب .. يسير في طريق طويل ليس له نهاية ..فق من هذا الغباء العاطفي.
ثم جذبت يدها .. لعلها خافت أن انقل لها العدوى قبل أن تقول:
من الصعب أن ترى الصورة إذا كنت بداخلها .
لم أتمالك نفسي وأطلقت ضحكة عالية جذبت كل الأنظار بعد أن تأكدت انه لا يوجد شخص مهما يكن مهم.. لا يمكن الاستغناء عنه.
ثم وقفت في مواجهتها, تماما فخرج صوتي خجلا:
ليس قادر على أي شيئ..بما في ذلك الحب..الشخص الذي يحسبها بالورقة والقلم..لابد أن اذهب لأشيع جنازة الإخلاص.
أشاحت بيدها بما يوحى عدم الاهتمام صائحة بسخرية :
الإخلاص في الحب .. تعب في البحث عن حب جديد.

لم أجد ردا مناسبا علي هذا الغش النسائي إلا صوت يدي وهى تختم وجهها الثلجي باصابعى الخمس,ثم أشحت بوجهي عنها حتى لا أرى دموعها المنهمرة التي يمكن أن تغرق اكبر الغواصات النووية بل أقوى الدفاعات الأرضية بعد أن فهمتها جيدا,وتيقنت من أن امرأة بريئة هي امرأة بلا ثديين,لم تخلق بعد,فكلهن سواء ولكن مع من ومتى وبأي ثمن؟
انهارت جالسة تلملم دموعها الزائفة وكأنها تؤدى دورا سينمائي تحسدها عليه نجمات هوليود.فالمرأة ممثلة بالفطرة ولهذا لا تصدق بكاءها ولا ضحكها؟.
كانت تموء كقطة,تنتفض كسمكة,تتلوى كأفعى,يا لها من مهرة جامحة تحتاج لمن يلجمها.
نظرت إليها أكثر من مرة,ومن زاويا متعددة محاولا أعادة اكتشاف الحل,فعلاج الحب من أول نظرة,نظرة ثانية لتحول ناره إلى بردا وسلاما,قررت أن أنساها وبأثر رجعى,ولن اندم.
ولكن قبل أن انصرف صحت بأعلى صوتي:
لن أبكى عليك..فالمرأة شيطان من يبك عليها يستحق الرجم..رغم ذلك سأحتفظ بخريطتك في ذاكرتي..تلك الخريطة التي احفظها على ظهر قلب.. طبقات شهوتك السفلية..عمق مياه أنوثتك الجوفية..مدة دورتك الجيولوجية..مقياس اهتزازاتك الريخترية.
لقد حصلت على كل شيئ ومن سيخلفني لن يجد أي شئ ..فأنت بعدى لست امرأة كاملة ولا حتى نصف امرأة ..أنت بعدى بقايا امرأة.

سينارست وائل مصباح عبد المحسن
0114005523 مصر 0101261829

رز بلبن

جلست مثل غيري نختلس النظر إليها بين الحين والأخر,
نائمة على ظهرها وقد رفعت ساقيها لأعلى,
عارية تماما إلا من حمرة الخجل,
وفجأةً وقبل الجميع تجرأت ومددت يدي نحوها وأمسكت بفخذها السمين ونزعته بعنف,
وقربته من فمي بإشتهاء,
ثم غرست فيه أنيابي,وتعاملت معه,واستمر الحوار بيننا وتخلله مد يدي بين الحين والأخر إلى الضلوع الخضراء المتشابكة ونزع القلب الطري من بينها وإلتهامه بتلذذ حتى شبعت,والحمد لله.

وإذ بصوت يناديني بل يوشوشني,إنها صاحبة الرداء الأسود,
تبسمت ومددت يدي إليها,
وبرغم برودتها الشديدة أمسكتها من رقبتها,
بعد أن فضت بكارتها باسنانى,
لم أتمالك نفسي إلا وهى بين شفتي,
تضخ ما في جوفها إلى جوفي إلى أن نفذ السائل,
ولم أرتوِ بعد,أسرعت أبحث عن إحدى شقيقاتها في كهفهن البارد لإغتصبها,
ولكن للأسف لم أجد المزيد,فبحثت عن النصف الحلو,ويظهر أنه لم يأتِ بعد,
فتوجهت مرغماً إلى الفراش أجر ساقي بتثاقل, لعلى أتناوله مع الملائكة.


أهلا بك في بيتك

أهلا بك في بيت القصة.. يهمنا أن تشاركنا بقصتك القصيرة.. مهما كانت قصيرة.. فهي تعنينا.. بيت القصة هو مكان لكل القصص القصيرة كانت من مخيلتك أو من مداعبات الواقع.. راسلنا على هذا العنوان amal.akifi@gmail.com..
سنهتم بتقييمها ونشرها,
بشرط أن لا تحمل مساهمتك أي إساءة لفظية ضد شخص بعينه أو دين..